الجمعة، 6 أبريل 2012

مظاهر التأثير والتأثر في الشعر الشعبي العماني المعاصر بالشعر النبطي الحلقة الأولى


__________________

الحلقة الاولى ....

( 1 )

( مظاهر التأثير والتأثر في الشعر الشعبي العماني المعاصر بالشعر النبطي )

بسم الله الرحمن الرحيم ..

مــقـــدمـــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة الغر الميامين وسلم عليهم تسليماً وافيا , وهم أرباب البيان وفصحاء اللسان وأنقياء الجنان , وبعد ..

الحمد لله الذي جعل البيان نورا وهدى .. وللشعر حكمة تقتدى .. وهو السحر الحلال .. أعاذنا المولى سبحانه من زيغ الجنان وخطأ اللسان ورزقنا لسان صدق في الآخرين ووفقنا لما فيه الخير إنه ولي ذلك والقادر عليه .


بداية إن لكل أمةٍ تاريخا أدبيا تعتز به وتفخر ويميزها عن الغير ولكل مجتمع خصوصية .. تشابه مع الغير أو تفرد .. وهذه الخصوصية تنبئك عن ملامح هذا المجتمع وتدلك عليه ..

و سواء أكانت هذه الدلائل لفظيه أو بيئية, أو أدوات تستخدم في الحياة اليومية لهذا المجتمع القائم ..

ومن مقومات هذا المجتمع لغته وألفاظه الخاصة وتاريخه الأدبي والفكري والاجتماعي والذي يحمل هذا ويدلل عليه, هي المفردات التي تميز هذا المجتمع عن الآخر و تدل على هذا الكيان .

ورغم تقارب بعض المجتمعات وتلاقيها في كثير من القضايا المشتركة من لغة ودين واقـتصاد ووحدة المصير ووحدة الدم والتاريخ المشترك, إلا أن هناك كثير من الخصوصية في الملامح والصفات وخاصة المفردة المصاغة والمتداولة بين أفراد ذلك المجتمع .

..فهناك كلمة لو نطق بها شخصٍ ما دل على أنه من المنطقة الفلانية أو من المجتمع الفلاني .. أو من الدولة الفلانية .. أو من الإقليم الفلاني وحتى في داخل الدولة الواحدة توجد الخصوصية اللهجية بين المجتمعات .

( 2)

.. ولو تكلمنا ببعض الخصوصية على مستوى المنظومة الأدبية .. ونخص منها جانب الشعر ..

لوجدنا عندما تقرأ لشاعر ما , تدلك ألفاظه على المجتمع الذي عاش فيه الشاعر والبيئة التي تربى فيها والتي ينتمي إليها .. والحقبة التاريخية التي عاش فيها والقبيلة والدولة والأدوات التي تستخدم في مجتمعه ودينه الذي يدين به .

والشاعر ليس ظاهرة عادية فهو يروي تاريخا ويرسخ الألفاظ ويغير ثقافة مجتمع ويتحدث عن المواقع المحيطة والشواهد والظواهر المجتمعية والطبيعية, ويذكر أسماء الحكام الذين عاصرهم وألقابهم وأشهر الأحداث التي وقعت في عصره .. وأشهر الخيول والجمال والمعارك وغيرها من مآثر المجتمع .. ويتوصل من خلال قصائد هذا الشاعر إلى الشعراء الذين عاصرهم والتقى بهم والمرادات التي بينه وبينهم .
إذن المسألة ليست أن الشاعر يكتب قصيدة فقط , بل هي تاريخ يسجل ومجتمع يذكر, وتسامي دول وزوال أخرى وأنساب ومناطق وحدود وأدوات وأمثال ومعارك ومكان حدوثها .

كذلك وهو أدب يخص مجتمعا دون آخر ويميزه عن غيره .
بمعنى يجب على الشاعر أن ينتمي لمجتمعه. ليسجل تاريخه ويعرف به .

وكذالك من خلال قصائد الشعراء تستطيع أن تحدد كينونة مجتمع عن آخر بدقة متناهية والمقياس هو القصيدة.

وعمان تاريخ أسطوري ومفردة متميزة لا شبيه لها, مما يضمن التميز والتنوع بين كل ولاية وأخرى ناهيك عن الدول , سواء البعيدة أو المجاروة , ولا يجهل الباحث معرفة غنى المفردة العمانية وقوتها وجذورها التراثية الفصيحة التي تكفل التفرد للمتعامل معها .


أما إذا اختلط الحابل بالنابل وانسلخ الشاعر من لغته .. وتنكر لمجتمعه .. هنا لا يعرف لهذا الشاعر أية خصوصية ولا هوية ولا تطلعات مستقبليه وهذا تزوير للتاريخ فهو يستورد ألفاظا لا تنتمي لكيانه ولا مجتمعه .. إلا في أحوال .. يتأثر فيها الشاعر من خلال السفر والمعاشرة للمجتمعات الأخرى مؤثرا ومتأثرا تأثيراً لا يخل بمنظومة مجتمعة الذي ينتمي إليه ,, وهو التأثر الإيجابي لا التأثر السلبي .. الذي يظلم فيه الشاعر نفسه ومجتمعه الذي هو في الأصل لسان حاله . ..

 تحياتي// صالح السنيدي

تابعونا في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق