الجمعة، 30 نوفمبر 2012

مظاهرة التأثير والتأثر بين الشعر العماني والشعر الخليجي الحلقة العاشرة

الحلقة العاشرة والأخيرة من مظاهرة التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني والشعر الشعبي الخليجي .


- مظاهر تأثر الشعر الشعبي العماني بالشعر الشعبي الخليجي وهي نفسها مظاهر تأثير الشعر الشعبي الخليجي


1-النزعة القبلية في موضوع القصيدة و التباهي وظهور الأنا فيها بشكل ظاهر في مسار القصائد .

إن المتتبع لمسار المدرسة العمانية يدرك أنها أبدا لم تعتمد على إظهار الأنا ولا التباهي بالحسب والنسب أو إبراز وإظهار قبيلة على أخرى إلا لأسباب وهي نادراً ما تحدث عند الشاعر العماني خاصة في الوقت المعاصر .
لكن تأثير القصيدة الخليجية وخاصة في المملكة كان إظهار الأنا واستجداء القبيلة والنزعة القبيلة واستثارتها وتفضيلها على الغير من القبائل
وقد أذكت بعض البرامج والمسابقات هذا التوجه وشجعته وستمر فيه الشعراء ,
إن هذا التوجه قد أثر على الشاعر العماني وأصبح مستوراً لهذا الفكر وقد مارس بعض الشعراء العمانيين هذا التوجه وبدأ ينتشر في أوساطهم .

2-الإلقاء في الأمسيات الشعرية .

مع بداية انتشار القنوات الفضائية المتخصصة في الشعر الشعبي الخليجي , وقبلها الأشرطة السمعية والمرائية , كذلك الهواتف النقالة . غزت أصوات الشعراء الخليجين كل هذه الأماكن وأصبحت تصل كل قريب وبعيد , كذلك لم تقتصر هذه الأصوات على الشعراء الكبار فقط بل حتى الذين لا يجيدون حتى الوزن أصبح لهم شأن عند الجمهور غير الواعي لماهية الشعر وشروط الإبداع والإمتاع فيه , ولقد تأثرت الساحة العمانية بكل هذا الزخم من الأصوات , وأصبح الشاعر العماني ممثلاً لشاعر ما من الدول المجاورة ويقلده في كل حركة وسكنه وفي حديثه وهمسه وحملة للمسباح ولكنه إن كان من الشمال أو الجنوب ويتمايل في ميلته واعتداله .
لقد أثرت هذه الأمسيات في معظم الأصوات الشعرية الناشئة وأصبح التأثير واضحاً , والتبعية للشعر والشاعر الخليجي ليس لها شروط , بل والتفاني في الولاء لهذا الشاعر أو ذاك .
تبعيه أضعف فيها الشاعر شخصيته وانسلخ من أصله وتراثه العريق وأصبح يسوق للغير ولا ينطق بلسان حال دولته بل لا تعرف له هوية إلا باللباس ولو أغمضت عينيك وتركت أذنيك تسمع , لقلت هذا فلان الشاعر الخليجي .
يا أخوتي ليس بهذا يصنع الشعراء تاريخهم المستقل ومستقبلهم الواعد ,
إذا كان الشاعر أصلا يريد التميز حتى على أقرانه الذين من دولته فكيف يرضى التبعية بهذا الشكل الصارخ؟ .

3-التأثر مع التقليد للمفردة الشعبية الخليجية .

مع ظهور القصيدة الخليجية في صحفتها ومطبوعاتها المتخصص والأمسيات والأغاني وغيرها من أساليب الانتشار كان التسويق الجيد هو من أبرز العوامل لتأثير الكلمة الشعبية الخليجية .
وقد تأثر الشعراء العمانيين بهذه الكلمات والمفردات الشعبية الخالصة لمجتمع ليس عمانياً وله خصوصيته , ولم يكتفوا بهذا فحسب بل قد بحث بعض الشعراء العمانيين عن المفردات الخاصة للمجتمع الخليجي البدوي والحضري والشمالي والجنوبي .
وقد وظفوه في قصائدهم وكأنه يتكلم عن المجتمع الشعبي العماني ولا يعلمون أنهم يسوقون لمجتمع غيرهم ويتكلمون عما ليس لهم فيه بل يصفون مجتمعا لم يعاشروه ويعيشوا فيه وكلمة أو مفردة غير مستخدمة أصلا في ثقافتهم المجتمعية لا الخاصة ولا العامة .
فقولوا لي بالله عليكم كيف للباحث في تاريخ هذا الشاعر أو ذاك أن يعرف أن هذا الشاعر عماني وأن هذه القصيدة من المجتمع الشعبي الفلاني .


4-تسميات البحور .

مع السيطرة الكتابية ووجود المساحة والمنابر المعبرة للشعر الشعبي الخليجي ظهرت تسميات البحور الشعبية مثل .. بحر العرضة و الهجيني ( القصير والطويل ) والجنوبي . والبحر اللعبوني .. والمسحوب والمنكوس وغيرها من هذه التسميات الشعبية البحتة والخاصة بمجتمع دون غيره .
تأثرت الساحة الشعبية العمانية بهذه التسميات وأصبحت تسمي أشعارها بهذه المسميات التي ليس لها وجود في تاريخ هذه الدولة .
-وفي رأيي إما أن نسميها بتسميات شعبية عمانية تحكي تاريخ ظهورها أو اسم رمز من رموز الشعر العماني يكون هو من أبعدها , كما أسموها في الدول المجاورة بفنونهم الشعبية أو بأسماء مبدعيهم , أو أننا نردها للأصل من بحور الخليل وهي في الأصل التفعيلات الخليلية لم تتغير.
وإن اختلط بحر بآخر نسميه بحر هجين بين بحرين أو ثلاثة .
حتى إذا ما جاء باحث غربي أو عربي وبحث في التراث الشعبي للشعر الخليجي عامة قال هذا البحر الفلاني يسمى عند خمس دول المسحوب ويمسى عند العمانيين البحر كذا أو أن العمانيين يردوه للأصل ويسمى عندهم البحر كذا مثلا .
أما أن نكون تبعاً لمجرد التبعية وحتى يشهد لنا بالجودة لابد أن نتبع .
- من رأيي ليس هذا من الإبداع في شيء , بل هو إجحاف في حق الساحة العمانية قديمها وحاضرها ومستقبل تاريخها الشعري .

5- استقدام البحور والقصائد التي تخص الفنون الشعبية للدول المجاورة وليس للشاعر دراية فيها ولا مجتمعه وتكون على شكل قوالب جاهزة .

يستقدم بعض الشعراء العمانيين البحور التي تخص الفنون الشعبية الخليجية ويأتي بالقصيدة ويكتب عليها , هي ليس مجاراة لأنه لا يذكر ذلك , بل إنه يقتبس من القصيدة ما يراه ويترك ما يراه .
بمعنى أوضح يأتي بالقوالب الجاهزة , ويصفها على شكل قصيدة .
والمصيبة ليس في هذا فحسب , بل إن هذا الأسلوب بدأ ينتشر انتشار كبير بين الشعراء والشاعرات في الساحة العمانية .
هذا إن دل يدل على باب من أبواب التأثير للشعر للشعبي الخليجي على الشاعر الشعبي العماني الذي بات هنا وفي هذا الجانب خاصة مقلدا لا مبدعاً .


6- لجان التحكيم والمحكمين من الدول المجاورة وأثرهم على مسار الكتابة الشعرية في الساحة العمانية .

لو تكلمنا عن لجان التحكيم في السلطنة وتوجهاتها, إن معظم من يعينوا كلجان تحكيم في المسابقات المحلية , لهم توجهات ذات طابع تأثري بالشعر الشعبي الخليجي , ولا تكون القصيدة فائزة إلا إذا كانت ذات طابع تجديدي والتجديد عند بعض هذه الأسماء هو التقليد والمحاكاة للشعر الشعبي الخليجي ومن هنا يجبر الشاعر المشارك حتى يفوز ويضمن المركز المتقدم لابد أن يرضي أعضاء لجنة التحكيم بالكتابة على نسق أو نفس الشاعر الكبير الفلاني من شعراء الشعر الشعبي الخليجي
ومن هنا جاء تغيير مسار الشاعر بسبب توجهات لجان التحكيم .
أما إذا استقدم حكام من الدول المجاورة وهذا كثير ما يحدث , مع أنه لا نرى هذا يحدث مع الدول الخليجية أن تستقدم حكام لمسابقاتها من عُمان والغريب أن هذا مشاهد وملموس لكن الأخوة المسئولين عن هذه المسابقات والمهرجانات مستمرين في استقدام المحكمين .
عموما تأثير هؤلاء الحكام يأتي من باب أن الشاعر العماني يسأل عن توجهات هذا الحكم والطريقة التي تعجبه فيكتب عليها وما هي المفردة التي يتعاطاها فيستقطب كل المحفزات لإرضاء هذا المحكم أو غيره من الدول المجاورة , من هنا جاء تغيير التوجه والمسار وخاصة إذا فازت القصائد التي تكتب بهذه الطريقة تجد الكل يتبعها لنيل الطريق للفوز الذي يُرسم على حساب الشعر الشعبي العماني وتوجهاته , لأن الشاعر ينظر للهجة الشعبية العمانية أنها ليست لغة الفوز في المسابقات وأنها ليست لغة النجاح الإعلامي والشعري فلا يهتم بها فيفقد هويته و يفقد كذالك الثقة بها .


7-الدواوين التي يتتلمذ عليها شعراء الساحة العمانية وأثرها.

مع انتشار الدواوين الشعرية للشعر الشعبي الخليجي والاهتمام الرسمي والأهلي في هذه الدول بطباعة دواوين معظم شعرائهم , والتسويق الإعلامي الباهر لها وتوزيعها في كل مكان تطوله أيدي شركات التوزيع , والإهداءات التي توزع بسخاء على أكثر المهتمين بالشعر.
المهم هو أن ينتشر هذا الأدب ويكون مؤثرا في المكان الذي يطله .
ومن ثم تأثر الأدب الشعبي العماني بهذا السيل الشعري الذي هل عليه وكذلك من خلال تأثر شعراء عمان بهذه الدواوين واقتنائها وأصبحت من مصادر ثقافتهم الشعرية إن لم تكن مع بعض الشعراء هي المصدر الوحيد لثقافته.
ولم يكتفي الشعراء في الوقت المعاصر بأن ثقافتهم هي دواوين الشعبي الخليجي بل كلما ظهر شاعر جديد ناشئ كانت النصيحة له والتوجيه من قبل من سبقه في التجربة بأن أقرأ ديوان الشاعر فلان وديوان الشاعر فلان وفلان وكلهم من شعراء الأدب الشعبي الخليجي , وكل هذا مع خلو مكتبة الشاعر العماني من دواوين الشعراء العمانيين الأفذاذ الأوائل ولا يبحث عنها الشاعر ولا ينصح بها من قبل أي مهتم بالشعر وكان الأمر أصبح حتمي وملزم للشاعر العماني أن يتتلمذ على ثقافة الغير.
وأصبحت هذه الثقافة هي السائدة بين جموع الشعراء وهي مصيبة , ومصيبتها أن ينسى الشاعر والأديب جذوره ويستند على ثقافة غيرة ويسوق لها ويجعلها من
أساسياته ومبادئه التي يعتمد عليها في تاريخه ومستقبله المنشود متناسيا تاريخ دوله وتراث أمة من ذهب ولا يسعى لاستحضاره وإبرازه للغير ويجعله عنواناً له .
هنا كان التأثر وضاحا وجليا .


8-القنوات الشعرية المتخصصة في الأدب الشعبي وأثرها في مسار القصيدة العمانية .

تأثر الشاعر العماني بما يطرح من قصائد وأطروحات شعرية وأمسيات وأصوات ناجحة يصورها الإعلام الشعبي الخليجي , وقد أفرد للشعراء الشعبيين في الخليج قنوات متخصصة تروج للشعر والشعراء والأدب الشعبي وتهتم به والشاعر فيها هو محور مادة القناة .
رأى الشاعر العماني هذا الكيان الجميل, فراق له أن يكون جزءا من هذا الكيان فأصبح يسعى أن يظهر في هذه القناة أو تلك , وليكون جزءا من هذا الكيان لابد أن يلبس نفس العباءة ويتكلم بنفس الصفة التي تبتغيها هذه القنوات فأصبح مسار بعض الشعراء العمانيين على هذا النحو, وهنا تغير أكثر ما فيه ليصبح لا يربطه بالشعر الشعبي العماني إلا الاسم وبعض الملامح التي قربت على الزوال والغروب , فتأثر وتغير وتبعه أسماء شعرية , وسوق لهذه القناة وتوجهاتها .

9-البرامج التلفزيونية ذات الجوائز والنجومية والتصويت .

الشعر العماني ذا طابع روحي والشاعر العماني يتماها مع القصيدة ويتفاعل معها وكأنها كيان يتمثل فيه ولا ينظر للجانب المادي .
لكن ما حدث من طفرة في البرامج الشعرية التلفزيونية ذات الجوائز القيمة وذات الشهرة والنجومية .
سعى الشعراء العمانيين أو بعض منهم إلى هذا الجانب وبحثوا عنه من مكان لآخر
ومن مسابقة لأخرى أظهروا فيها جمال الشعر العماني إلا أنهم وقعوا في مصيدة التأثر والإرضاء فكتبوا بأسلوبهم , ثم جاء دور التصويت وتبعاته.
إن المجتمع العماني مجتمع واع ويعرف ما هو الصوب والخطأ , فرأى أن التصويت لا يخدم إلا العصبية ولا يورث إلا التحزبات والضحك على عقول الناس ولا يخدم الشعر, أما الشعراء فقد رأوه أنه تخلي المجتمع والقبيلة والمسئولين عنهم والبعض منهم أوصلها إلى تخلي الدولة عنه, و أن غيرهم من الشعراء الخليجين تدعمهم حكومات وقبائل .
فلجأ الشعراء العمانيين إلي تغيير كتاباتهم و الاقتراب والمديح واعتماد الأسلوب الشعبي الخليجي ,وبحث عن التصويت والدعم من المجتمع الخليجي ومن هنا جاء التأثر وتغير المسار بالكامل.

10-المجلات وصفحات الأدب الشعبي الخليجي .

لقد أثرت المجلات الشعبية وصفحات الأدب الشعبي الخليجي على أغلب الشعراء العمانيين في الوقت المعاصر وقد غيرت مسارات كثير من الشعراء العمانيين في توجهاتهم وغيرت مشاربهم الأدبية والفكرية حتى .
ولأنها واكبت بداية الانطلاقة للشعر العماني المعاصر و في وقت خلت منه الساحة العمانية من المجلات الشعبية المحلية .
فكان لها الأثر الأكبر وتتلمذ عليها أكثر الشعراء وتابعوها باهتمام بالغ واقتنوها
وحثوا عليها غيرهم من الناشئة وسوقوا كل ما فيها . وتعلقوا بها وكتبوا على غرار شعرائها وجاروهم فتأثروا بهم وما يكتبون فنقلوا صورة الشعر الشعبي الخليجي إلى الساحة العمانية فتأثرت وختل ميزانها التراثي الشعبي .

11-الأعمدة التي يكتبها بعض محرري الصفحات الشعبية .

الشعراء العمانيين يفتقدون النقاد والموجهين للساحة الشعبية , وعوض عن هذا كان المحررون للصفحات الشعبية المحلية هم من يقومون بدور الموجه الناقد فما يكتبه المحرر له صدى واسع وأهمية كبرى لدى الشعراء ويتبع في أكثر الأحيان بالحرف وذالك لأسباب حتى يضمن الشاعر أن ينشر له في مكان مناسب وكذلك إرضاء للمحرر والتقرب منه .
وبما أن أهمية العمود الذي يكتبه المحرر بهذا الأثر كان بعض المحررين يكتبون ميولهم الشخصي ويدافعون عن وجهت نظرهم التي تمجد الشعر الشعبي الخليجي
وحتى قصائد بعض المحررين التي ينشرها في صفحته يكون فيها متأثراً حتى النخاع ويمتدح ما يُكْـتـب ومن يَكتب على نفس الأسلوب ومنها كَون هذا المحرر شريحة من الشعراء يكتبون على هذا الأسلوب وهو يضمن لهم النشر وسرعته والثناء عليهم في العمود المكتوب وفي الجلسات الحوارية .
-في النهاية إن بعض القناعات تقول إن كلام المحرر شهادة للشاعر أو عليه وقد يؤثر في تحركاته الشعرية وتوجهاته الفكرية وقد يغير ميوله من قناعة لأخرى.




12-تأثير الجمهور على الشاعر من حيث توجهاته .

إن الانتشار الذي حققه الأدب الشعبي الخليجي بين أوساط المجتمعات سواء أكان عن طريق الأغاني أو الأمسيات المسجلة, والقنوات الفضائية الشعبية الشعرية المتخصصة.
جعل من الشاعر الخليجي معروفا لدى الجمهور وحضوره في أذهانهم كبير ومؤثر.
ومن هنا بدأ تأثر الشاعر العماني بهذا الزخم الشعري مما جعله يطالب الشاعر العماني بأن يأتي بنفس الأسلوب ونفس النسق على غرار ما يسمعون ،
وهذا جعل كثيرا من الشعراء يرضخون لما يريده بعض الجمهور طمعاً في التصفيق والإرضاء لهذه الشريحة, ونسي الشاعر نفسه وأسلوبه ومفرداته , ثم إنه نسي أنه يسوق لغيره ويهمش نفسه فليس له وجود ولا هوية لأنه بهذا يمثل غيره, ومن ثم يرسخ عند الجمهور ثقافة المفردة الشعبية الخليجية , وأن الشاعر بهذه الاستجابة يؤصل لغيره في بلدة ويجعلها من الأمور المباحة الضرورية في أدب غني عن هذا الاستيراد وكفاءة الذاتي كبير .
ولو أنه أتبعه ما يرسمه لهم هو وأظهر ما يكتب لكن أولى أن يجد لنفسه مكان في خارطة الشعر المحلية والخليجية .

13-تأثير الجانب المادي في القصيدة الشعبية الخليجية وأثرة على الشاعر العماني .

إن الأثر المادي وتبعاته في القصيدة الشعبية الخليجية المعاصرة خاصة , بدأ منذ أمد بعيد وقد كان ظهوره بارزا في معظم المناسبات عند شعراء الخليج .بحيث يكون الاستجداء للقصيدة والمدح لفلان أو ناقة فلان أو خيل فلان أو صقر فلان , وغيرها من هذه الأغراض .
وليس القصد في المدح إعجاب الشاعر بالممدوح من هذه الأشياء بل هو ما سيأتي من عطاء مادي هو سعي الشاعر من وراء هذا المديح .
وهنا يمتهن الشاعر الشعر ولا يعتمد على روح الإبداع الشعري بل القصيدة فيها خواء , المهم ما يأتي به من مكسب .
وقد تأثر بعض الشعراء العمانيين بهذا الداء وأصبحوا يمارسونه , ويتبعون كل لغز وكل ناقة لشيخ أو ما شابه بغرض المكسب , وقد كانت تخلوا الساحة العمانية من هذا الغرض إلا ما ندر وكانت تعتمد على روح القصيدة وروح الإبداع فيها وفنيات الشعر ولا تصف تراكيب فقط , بل وإنهم إن مدحوا كانوا لا يغفلون الجوانب الفنية في القصيدة .
عموما انتشر هذا الأسلوب وتأثر به الشعراء العمانيين وأصبح بين أشعارهم .


14-قصيدة التفعيلة وظهورها المتطور .

لقد ظهرت قصيدة التفعيلة في الأدب الشعبي أول ما ظهرت في أوساط شعراء الأدب الشعبي الخليجي ولم تكن حاضرة في الأدب الشعبي العماني .
وقام بعض شعراء الخليج بتطوير هذا الأسلوب الشعري وهم في البداية تأثروا من الشعر الفصيح بلا شـك , لكن كانت الجهود كبير في تطويره ولهـم فـضل ذلك ,
وقـد انتشر شعر التفعيلة خاصة في الشعر الغـنائي , والمجلات الشعبية .
وقد تأثر به بعض الشعراء في السلطنة ونقلوه عن شعراء الخليج , لكنهم ألبسـوا أنفسهم عباءة التقليد ولم يخرجوا منها ومنهم إلى هذا اليوم , وهم شعراء كبار لم يخلعوا هـذه العـباءة, وضلت تلازمهم , وقد بلغ التأثر بهذا الأسلوب حتى أنه قلما تجد شاعر يخرج عن نسق شعراء الخليج في هذا الجانب الشعري , إلا قلة من الشعراء رسموا لأنفسهم طريق مغاير .
والحقيقة تقال أن تأثر شعراء السلطنة بالتفعيلة كان كبيرا جداً وإن أنكره الكثير لكنه واضح المعالم .

15-القصيدة النثرية والقناعات فيها .

إن ظهور القصيدة النثرية في الأدب الشعبي الخليجي كان له دواعم أنتجتها جهود بعض التجارب الشعرية الكبيرة والأسماء المؤثرة في الساحة الشعبية الخليجية
وعند ظهورها , كان الجدل فيها بين التأييد والمعارضة لها, وقد حوربت لكن من هو قائم عليها له قناعاته بها ولم يتخلى , بل استمر في النهوض بها وهي قائمة ومستمرة وأصبح لها أتباع كُثر , وقد تأثرت بعض الأسماء الشعرية في الشعر الشعبي العماني المعاصر إلا أنها قليلة ولم تعي التجربة جيدا بل ركبت الموجه , وسادت التبعية والتقليد في هذا الجانب أيضاً , ولم تضيف التجربة العمانية شيئا لأنها لم يكن لها لسان بل كان لها نقل واستيراد للقوالب جاهزة فكان التأثير ضعيفا والتأثر قويا .

16-الكتابة للغير وبيع القصائد .

شاعت هذه الظاهرة بين أوساط الشعراء في الأدب الشعبي الخليجي وقد كان لها انتشار واسع , فلان يكتب لفلان وفلان ليس بشاعر بل يكتب له, وفلان يشتري القصائد والغرض إما مادي أو مصالح شخصية وقد راج هذا السوق عندهم , ثم ألقى بظلاله على الساحة العمانية وتلقاها الشعراء العمانيين برحابة صدر فـتأثر الشعر الشعبي العماني بهذه الظاهرة , وبدأت تمارس في الوقت المعاصر بين
الشعراء .. وخاصة أن يكتب الشعراء للأسماء النسائية لأغراض شخصية أو مادية . وتظهر وتشيع أكثر في حالة المسابقات والمهرجانات والبرامج الشعرية التلفزيونية , وقد كان لها أثر واضح في كل الساحة العمانية الشعبية .

17- المنتديات الإلكترونية و المواقع الشعرية وتأثيرها .

عندما جاءت المواقع الإلكترونية كان للمنتديات التي تعنى بالشعر الشعبي الخليجي نصيب وافر ولم تحمل غرضاً شعراً فقط بل تاريخا وتمجيدا وترسيخا لأفكار بطريقة ممنهجة ومدروسة , والغريب في الأمر أن الشعراء العمانيين والقائمين على الأدب في الساحة العمانية وخاصة الشعراء وقعوا في نفس الأخطاء السابقة وهو ترك الساحة للشعر الخليجي وفتح باب التأثير على الجمهور العماني والشعراء الناشئة, دون حيراك ثقافي أو منافسة تذكر , حيث كان في السابق ترك الساحة لفواصل وليس هناك مجلة عمانية منافسة ثم القنوات الفضائية ولا من منافس .
و كان هذا التصرف نفسه في وقت انتشار المنتديات الإلكترونية ولا من منافس , بل بالعكس الشعراء العمانيين والمحسوبين على الساحة يترفعون عن المشاركة في المنتديات العمانية وهي ترحب بهم وتجلهم وتعلوا لهم المراتب من إشراف وحتفا وتغطية لأمسياتهم وجمع قصائدهم مثل منتدى السلطنة الأدبية , وهم في صد وترفع .
لكنهم يشاركون ويدعمون المنتديات الخليجية الشعبية وينتظرون الشهادة بالإحسان أو الإساءة منها , ويشاركون فيها كأعضاء في ساحة لا تعرفهم إلا في لحظة نشر قصائدهم . وهم بهذا لا يدركون أنهم يرسخون ثقافة الغير ويدعمونها , كذلك يرسخون التبعية .

- من هذا المنطلق كان تأثر الشعراء والساحة بشكل عام بالشعر الخليجي كبير ومتنامي يوم بعد يوم وهو مستمر ما لم يقف الشعراء موقف حاسم يظهرون فيها ثقافتهم وتراثهم وتاريخهم الشعري الحافل , ويحملون رسالة الشعر الشعبي العماني إلى كل مكان تصل إليه أيديهم وكلمتهم .



الخاتمة .

في الختام إن ما أذكى قوة تأثير الشعر الشعبي الخليجي على الساحة الأدبية العمانية وجمهورها هو تظافر عدة جهود كما ذكرنا من مجلات وإعلام مرئي ومسموع .
كذالك وهو المهم وهو الدعامة الرئيسة من وجهة نظري هم الشعراء العمانيين أنفسهم ومحرري صفحات الشعر الشعبي العماني هم من استوردوا ودعموا ونصحوا الشعراء والقراء باقتناء الدواوين الخليجية دون العمانية وصغروا من حجم الشعر الشعبي العمانية أمام الخليجي ورسموا له الدعايات , وأضعفوا حجم الشاعر العماني أمام جمهوره في ساحته الأدبية , وكل منهم عمل له أمسية خارج السلطنة كأنه فتح بيت المقدس مع أنها قليلة ونادرة , كذالك أن ثقة الشعراء الخليجين في الشاعر والناقد العماني ضعيفة والدليل لا تحكيم , ولا أمسيات تسجل إلا ما ندر , كذالك المسئولون عن الثقافة كان لهم دور كبير في تهميش دور الشاعر العماني من ناحية تعظيم الشاعر الخليجي في الأمسيات والتحكيم من حيث الحوافز المادية والمسكن والاستضافة فالشاعر العماني وهو في بلاده لا يأخذ نصف ما يأخذه الشاعر الضيف ., ولا يعامل الشاعر العماني عندهم هكذا , من هنا كأن الإبداع لم يخلق إلا هناك .
كذالك أن الشاعر إن لم يكن لسان حال أمته والمتكلم بقضاياها , ومعبرا بلغتها ومفرداتها عارفا بأهمية رسالته الأدبية محترما لتاريخ من سبقه , عالماً بأسس وأدب الأمة التي ينتمي إليها وتكون هي منطلقة الفكري والأدبي,حاملا لثوبه المميز عن الغير مسوقاً لأدبه وإبداعه .
إن لم يكن كذالك فقد يفقد هويته وما ينتمي ليه وليس له تطلعات مستقبلية لأنه ليس له خط سير معروف وليس له رسالة واضحه ولا ينتمي لأدب يعرف به , ولا يشرب من جذوره الأصيلة , بل كل يوم في حال وجذوره فوق السطح ليست راسخة لأنه ينتقل من أرض إلى أرض دون أن يحدث أثرا يذكر فليس له صورة معلومة ولا كيان يقصد .
لذا توجب علينا التوضيح في هذا الجانب وقد أقدمت على هذا المبحث المبسط وأملي أن يكون له دور في جانب من الإصلاح والتقويم للأدب الشعبي العماني وتوجهات الشعراء العمانيين فيه .
وبعد رحلة شاقة مع قلت المراجع وندرتها حول موضوع البحث لجدد الموضوع وندرة الباحثين في هذا الشأن فقد كان الاعتماد أكثر على الرصد والمشاهدة لكوني جزء من كيان هذا البحث .

فقد كان حديثي عن الشاعر ودورة وانتمائه لمجتمعه وتمثيله له , كذالك تحدثت عن الشعر العماني الشعبي المعاصر وتوجهاته ., ثم تاريخ بدء الشعر العماني وبداية ظهوره في الصحافة , والصحف التي كان ينشر فيها الشعر , كذالك كان حديثي حول ماهية التأثير والتأثر , الفرق بين أن نقول شعر معاصر وشعر حديث , وعرضت لمفهوم التقليد والتأثر وما أعني بهما .
.. وكان تطرقي حول موضوع التأثر وآفته .
ثم إنني قسمت في هذا المبحث .. الفترات التي مر بها الشعر الشعبي العماني المعاصر وقد قسمتها إلى ثلاثة مراحل ..وذكرت لكل مرحلة سمات تميزها عن المرحلة أو الفترة الأخرى .
ثم دخلت في باب التأثير وهو تأثير الشعر الشعبي العماني على الشعر الشعبي الخليجي , وذكرت ثمان نقاط أثر فيها الشعر الشعبي العماني على الشعر الخليجي
كذالك تعرضت لذكر تأثير الشعر الخليجي على العماني وذكرت سبعة عشر نقطة مع شرحها .
أتمنى أنني قد وفقت في عرض ما هو مهم وناجح , فإن كان التوفيق حليفي فهو من نعم الله , وإن كان الأمر قاصرا فهو ضعف ونقص في جهودي وبذلي .
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والرضا لهذا الوطن ولأهله وراعي مسيرته .
والسلام عليكم ورحمة وبركاته .



التوصيات /

1- نوصي بتكليف لجنة من الشعراء بالبحث والكتابة للمفردات والقصائد العمانية الشعبية الأصيلة ورصدها وتوثيقها لتكون مرجعا لكل شاعر وباحث .

2- نوصي بإطلاق قناة شعرية شعبية متخصصة تكون نافذة لتعريف العالم بالأدب الشعبي العماني الأصيل .

3- نوصي بإصدار مجلة متخصصة في الأدب الشعبي توثق الأدب وتسعى لنشره في الأوساط المحلية والخليجية .

4- نوصي بطباعة وتوزيع دواوين الشعراء القدماء العمانيين ليجد الشعراء الناشئة مصادره العمانية .

5- نوصي بأن يعامل الشاعر العماني في بلدة كالشاعر الخليجي في الاستضافة الحوافز المادية وغيرها .

6- نوصي بالاهتمام بالنقد وجعله من الأولويات لتغيير القاعدة الحالية .

تحياتي / صالح النورزي السنيدي

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني والخليجي . إليكم الحلقة التاسعة

مرحباً أخوتي .أخواتي .. ضمن هذة الحلقات المتسلسة عن التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني والخليجي . إليكم الحلقة التاسعة...

- مظاهر تأثير الشعر الشعبي العماني على الشعر الخليجي .

كان للشعر العماني أثر كبير في الساحة الخليجية قديما وليس الساحة الخليجية فقط بل حتى على ساحل شرق إفريقيا .. وعلى ساحل إيران من عرب فارس
وما البوذية والعلوانية والزهيريات والتغرود والونة و المحورب والطارق وغيرها من هذه الأنواع إلا نتاج هذا التأثير وإن اختلف المسمى, فقد كانت هنا أقدم من غيرها في البلدان الأخرى ..

وفي الوقت المعاصر كان تأثير الساحة العمانية على الساحة الخليجية شبه معدوم بل على العكس الغالب هو التأثر لا التأثير

- من مظاهر تأثير الشعر الشعبي العماني على الشعر الشعبي الخليجي ..

1-الرمزية في القصيدة وغنى القصيدة العمانية بها.

من المعلوم أن القصيدة العمانية ذات رمزية , وكانت الرمزية حاضرة بكل أشكالها في تاريخ الشعر العماني سواء على مستوى المفردة والدلالة والألغاز والتلاعب بالألفاظ والإسقاط القصصي لاختبار الشعراء وغيرها من أساليب الرمزية التقليدية المتبعة لكن مهما يكون من حضور للرمزية في القصيدة العمانية القديمة لم يكون بهذا الشكل المفرط المغرق في الرمزية الذي يؤدي إلى تشتيت المستمع والقارئ .
و مع تسجيل الحضور الرائع للقصيدة العمانية وانتشارها راق هذا الأسلوب للشعراء من الخليج فكان تأثير هذا الأسلوب على بعض من الشعراء في دول الخليج وقد بدأ ينتشر بصورة ملحوظة .




2-تعدد أوجه الموضوع في القصيدة الواحدة .

بحيث أن القصيدة تتحدث عن موضوع واحد لكنها ترمي لروافد عدة وتستدعي المواضيع الداعمة لموضوع القصيدة فتتعدد أوجه الموضوع الواحد وتصبح القصيدة كنها تتحدث عن عدة مواضيع متقاربة . وقد انتشر هذا الأسلوب في قصائد كثير من الشعراء العمانيين هو أسلوب عماني المنشأ في الوقت المعاصر والقديم كذلك , وقد تخلى عنه بعض الشعراء العمانيين لكن ما زال موجود بصورة واضحة في قصائدهم . وقد أثر هذا الأسلوب في الساحة الخليجية بشكل ملاحظ والمدرك والمتتبع بشكل فاحص يرى ظهور هذا الأسلوب بين أوساط بعض الشعراء في الساحة الخليجية وكان أثره واضح في تغيير مسارات واتجاهات , لكن دون أن يذكر أن هذا الأسلوب عماني .

3-التوظيف التاريخي والأسطورة في القصيدة بشكل جلي وواضح .

تمتاز القصيدة العمانية منذ نشأتها بتوظيف عامل الأسطورة والقصص التاريخية وقصص الأنبياء وقصص الملوك وأعوانهم وغيرها من القصص ذات الطابع الإعجازي والفكري والاجتماعي والديني وغيرها .. وتبارى الشعراء العمانيين في كل محافلهم وتباهوا بمعرفتهم للقصص وتوظيفها الشعري إما على شكل ألغاز يفحص فيها الشاعر عمق تجربة زميلة الشاعر الآخر أو للترميز والإسقاط على واقع مماثل عاشه الشاعر , أو للتفنن ويبرز فيها الشاعر ثقافته وعمق إطلاعه على تاريخ الأمم السابقة .
وما إن أطلع الشعراء الخليجيين على هذا النوع من التجربة الثرية والتي تضفي على القصيدة القوة والرصانة و بالغ الحجة , حتى كان أثر هذه التجربة واضحاً في التجارب الشعرية في الساحة الشعبية الخليجية .


4- التفصيح في مفردات القصيدة الشعبية .

كان واضحاً منذ انطلاقة القصيدة العمانية في الوقت المعاصر وما سبقه ميول الشعراء إلى تقريب الشعر الشعبي للفصيح , وقد ظهر ذلك في تعمد توظيف المفردة الفصيحة في نصوص أكثر الشعراء العمانيين , واستمر هذا المبدأ سائداً في القصيدة العمانية حتى أصبح أحد سماتها وعرفت به , وقد شاع هذا الأسلوب في الساحة العمانية .


ومن خلال مشاركة الشعراء العمانيين ونشر قصائدهم . ومدح كثير من النقاد لهذا الأسلوب الذي يسود المدرسة العمانية .

بدأ أثره يظهر على الساحة الخليجية, فتأثر به جانب كبير من المدارس الخليجية وأصبح يعتمد في القصيدة الشعبية الخليجية.


5-استخدام اللغة البيضاء و تثقيف القصيدة الشعبية ..

استخدم الشعراء العمانيين ما يسمى باللغة البيضاء والتي هي بين الفصيح والشعبي وهي لغة المثقفون العرب كذلك هي اقرب للغة الصحافة .
وعمدوا كذلك لتثقيف القصيدة الشعبية . ووظفوا الفلسفة وعلم النفس والتاريخ وعلم الاجتماع والغربة والسياسة وغيرها وقد أثروا النص الشعبي ,
وعندما خرج النص الشعبي بهذه الصورة الزاهية كان بريقه واضحاً للعيان , فأثر في من قرأه وسمعه .
ومع إعجاب الشعراء الخليجين بهذه الثقافة في القصيدة العمانية وهذه اللغة الراقية للقصيدة الشعبية تأثروا بها وكتبوا على غرارها .


6-مهرجان الشعر العماني وأسبقيته .

مهرجان الشعر العماني وإقامته , كان سابقاً على غيره في عميلة التنظيم والتحكيم بهذه الصورة بحيث يكون الشاعر يلقي, ولجنة التحكيم تواجهه وتقول رأيها مباشرة هو أول مهرجان في منطقة الخليج يعتمد هذه الطريقة ويطبقها , ثم نـُقلت هذه الفكرة وطُبقت في مهرجانات شعرية في دول مجاورة و مسابقات كبيرة بينما البداية كانت عمانية لكن الإعلام لم ينجح في التسوق لها , وفي هذا كان تأثير أسبقية مهرجان الشعر العماني على مستوى المسابقات التي كونت الأصداء وغيرت حتى مسار الشعر في دول المجلس قاطبة .


7-هجرة الأسماء العمانية وتأثيرها على الساحة الخليجية .

من المعلوم أن كثير من الأسماء الشعرية العمانية هاجرت في الوقت المعاصر وقبله بداعي الحوافز المادية أو الشهرة أو لحاجة في نفس يعقوب قضاها ,
وقد كان لها كبير أثر في إحداث نقله نوعية في مستوى الشعر في بعض الدول المجاورة من حيث إقامة المهرجانات والمسابقات الخاصة بالشعر الشعبي . ومن حيث الأفكار في تأصيل بعض الفنون والأساليب الشعرية وتصديرها للساحات الأخرى وهذا التأثير كان بشكل مباشر وواضح للمتتبع لهذه الأسماء ومعرفته بها ..


8-اعتماد الشاعر العماني على الجانب الروحي في القصيدة .

إن الجانب الروحي والإنساني في القصيدة الشعبية العمانية كان هو السائد في المدرسة العمانية بكل أطيافها بحيث أن الشاعر العماني كان لا ينادي المادة في قصائده وحتى في الأمسيات كان الشاعر لا يقتضي أجراً على الشعر لهذا كان سموا القصيدة أكثر والعطاء للشعر وليس للأشخاص أي لا يمدح ولا يستجدي من أجل المادة ولا يستعطف بل كانت الكتابة للإبداع الشعري وقد تنافس الشعراء على هذا التألق والتمكن من الانتصار للشعر .
وقد برز هذا الأسلوب في القصيدة العمانية وهو روح القصيدة والشعر ذاته , وقد أثر هذا التعاطي والتماهي مع القصيدة وحسنه وصدقه مع الشعر , في الساحة الخليجية من خلال التقارب ومعرفة هذا الأسلوب عن طريق الشعراء العمانيين واطلاع النقاد والشعراء الخليجين وتوجيههم للقصيدة الخليجية بأن تحمل روح الشعر وكتابة الشعر للشعر .
وقد وجهوا هذا التوجيه لتأثرهم بالقصيدة العمانية وسموا هذا الأسلوب وقد
استحسنه الشعراء والنقاد في الخليج وتأثروا به , وللأسف بدأ الشعراء في عمان الانسلاخ عنه والتوجه للتكسب بالشعر على حساب الجودة وصدق المنبع وسمو الرسالة .

- هذا ما استطعنا رصده لجانب تأثير الشعر الشعبي العماني على الشعر الشعبي الخليجي هو جاب مهم لكنه لم يبرزه الإعلام بالشكل المنصف ولم يتناوله الكتاب بشيء من الأهمية والاهتمام ولم يعيه الشعراء العمانيين خاصة لطغيان شهرة الشعر الخليجي وغلبت الجانب الإعلامي وقوته عند الدول المعنية وضعف التسويق لدى الجانب العماني .

بما أننا تكلمنا عن مظاهر التأثير للشعر الشعبي العماني المعاصر على الشعر الشعبي الخليجي هناك مظاهر تأثير للشعر الخليجي على الشعر الشعبي العماني المعاصر وهي كثير نذكر منها .

إلى اللقاء في الحلقة القادمة التي سوف نكلم فيها عن تأثر الشعر العماني بالخليجي ومظاهرة هذا التأثير ..

تحياتي .. صالح النورزي

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

من بعد هذا ..

من بعد هذا

عايـنـت بسـمات البروق المـخـايـل
بين النـواص البيض والمـد هايل

نوازلِ فـ الشـهـب والنجـم عـرشـت
دلحٍ تـثـج الغــيـم والـشـور مـايـل

تـــوالـفــت دهـــمِ وداجِ مـثــعــبـه
مـثـل البهـيم الليل والبحـر ضايـل

فـيـها بتـسام النـو والرعـد مـوحل
تـنـكل حباب الغـيـث والفج سايــل

واقـول يا سـحم الثعالب من دعـا
كفي اليمين وما عـطـيـت القلايــل

وخط في صـفح الرمال ومـد لي
كـن الودع ما شاف غير المسايــل

وتلألأت فيها الحصاب وشعـلت
واقـول يا مشـكاي للـشـيـب زايــل

عـشرين عام بالـوفا بـاذخ الـود
انشل شراع الحرف عن كل غايــل

من بعـد هذا الحول معد مجنى
لا صاحبٍ صادق ولا كـنـز طـــايــل

صديقيا قوما نادلي بالشعر حَـدّْ
كريم المحـيـا وساحـــةٍ للـفـضـايــل

وفاء وكتسا من ضافي الجود كلما
زاد الوطى حرفه رفــــيـــع الشـمـايـل

ألا وخـلي قـلبي ودمعي منالـبـكى
من ضحكـت الـنوار ومد الـوشـــايــل

رعى الله أيام الحروف أللي روة
من صافي الاشـعار ديـم ومـــخـــايـل

فـيها تروز الـناس من كل ملـفي
قـدرٍ عرفـت وقـدر ما فـلت حـــــايــل

وقدرٍ عظيم الشان من شع نوره
في ذكره الــوافي كـتـبـت الــمـثـايــل

ومنهم نسى المعروف ويذم غيره
لا جار يـسـخـيـلــه وساق الـرذايـــل

وفـيهم وفي الطـبع عالي مـقـامـه
أريبٍ عـريـبٍ كـافي الــطـــبــع وايـل

في بحره الجودي جواري مالعطا
يهـمـس فـ آذن الجود فود الاصـايـل

حشيمٍ عـفـيـفٍ سـيف يمناه يشـفي
يشـفي عـدوٍ عـن فـضاض الـفعـايـل

وشـمنا وزرنا من قـريب وجنبي
وللساحة الكــبرى حـروب وهـوايـل

تلقى عدوٍ والسبب وش عداوته
وتلقى صديق الصدق وتقـول عـايل

أتخالفـت فيها الأمـور وهـولـت
ومن كشرت سلمى جـفـتـك الوسائـل

ما عد تثني لك دورب ويا فـتى
حـــمل عـليـها وفـك خــطـم الــذلايـل

ونيع لـدارٍ ما بها غـيـر مـفـلى
أو بـطـن وادي مــورفٍ بالـظـلايـــل

وسكن براس النبع وشرب زلاله
خلي الكدر للغـيـل إن كـنـت ســـايـل

يا لابت الاشعار قوموا على الرشا
الشعــر شد ضـعـون يـبــغى الاوايــل

يـبغى أحترام الذات ويمـد صدرة
والعـجــز يــضـويه شـراك الحـــبـايـل

صالح السنيدي

الاثنين، 4 يونيو 2012

ثلاث جبال

(( ثلاث جبال ))

ألف أولف فوق رمـحك ولـيـفـي
ومضرات الخيل باتـت طفـيـفـي

ميدانها ضوى وعـدى حلــيـفــي
كني على ما قلت من فاتـني مـات

والبا بديت أنسى ولا طاري الليل
عـدٍ رهين ماه وامسى على سـيــل

من وادي البطحاء بلا وادي النيل
أقولها من شفت طول المــسـافـات

والتا تـراني اليـوم ماني بـضايـق
بالي وســيــع ومـدهـلـنــه ورايــق

ممسيت أعـد نجوم والسوق بايق
سلمت والمعــنى يـــمـد العـبـارات

والثا ثلاث جبال ملئ الوسعــيــه
قهـوان والاخـضر وكور الطلـيـعه

أحصون هامات الرجال المنيعه
دامـت بروج العـز في كل لـوقـات

والجـيم جـمالٍ سـبـر للـشـدايــد
مد الحــدى والعـيـس راحت تهايـد

غزو الشمال أصعب ولا هو بكايد
أسرج خيول الحرف وتثور هامـات

والحـا حلـيم الرأي من بار رأيــه
راحت بــيارق تــنـتـشل فوق رايــه

أنصال واغمادٍ هــمــت كل غايه
وتسمسرت من فوق كتب ورسالات

والخا خبير نجوم دلــه طريقـه
ضرب الودع والرمل سـوء الوثيقة

يمن ونجم الجاه يكفي بريــقــه
بـدين والإيــمان جــزت الـــمـلمات

والدال دامت يا مـواطن بـلادي
مــواطــنٍ للــفـــخــر في كــل وادي

من عهد (مالك) والمفاخر جوادي
(سلوت) و( البطحاء) ونار الهتافـات

والذال يا ذل الرجـاء والــمــلاقـا
دام أطعــم ركــابه بقــرمل وعــاقــا

عاف العسل والسمن شرد وساقا
أيامــهــا راحت وهـــد الــمقــامــات

والراء روينا من عــدود المدينه
وســوارها حالـت وشــد الـبطـيــنــه

بــدوٍ ولا ردنا الدقــل والســفينه
جــنـاتي الصحــراء وربع المسرات

والزاء زقرنا نايـفات الخــطاما
طابـت مسامعــها لضــرب الحــساما

ويشوش راس الرمح عند القطاما
وتــكر فالــمــقـدم زفـيـــفٍ وغـارات

والسين سيـست المعالي وسـيدت
فـوق الرواسي البيض أيـضاً وعــيـدت

هابت ملوك الانس داري وشيدت
ممالك الـــتــــاريخ فـــ يــدي مكــفـــات

والشين شبت يوم حل المزاحـــم
مــــرابط الأفـــراس صــول مجاحـــم

تسمع صهيل الخيل هد المراحم
مواقــفٍ تــخــشى وتـــســفـر ســجلات

والصاد صمصامٍ مفـقـر وكهـام
الــنايــفات البــيض مــن كـــل صــــرام

رداد والمأتور والمنصل حـسام
صقــل المهــنــد شاهــدٍ كـــل مــافــــات

والضا ضمْنٍ يا حروف وشواهد
شــواهـد الــتاريخ حــلــف وتـــعــاهـد

أحروبــنا حكــمة ولا طال زاهــد
مكانة الأيـمان فــالــقـــلب قــــامــــات

والطا طريق الخير من كل رامي
مـرماه للإصـلاح يــمــني وشــــامي

ما فرقت من بين سامـي وحــامي
حـــنـا هـــل التـــقوى ســـلامٍ سلامات

والظا ظلام الظــلم أسـفـر وسافـر
من دارنا مــطرود مــنـــفـاي نـــافــــر

قـبائـــــل العـزة بخــفٍ وحافــــرٍ
تقابـــل الضيـــمات وتــقـض هـفـوات

والعــيـن عايـنا عــيار الـرفـاقي
جـــيـــرانــنا خانـــوا ولا عـــاد بــاقي

من يهشم الجيرة غلص فالوهاقي
ظـــل البعــيــد أقرب ولا ظل غـافـات


والغـين غدارٍ يخاف الفـضـيحة
تحـت الرمل راسه و يلـدغ جـريحة

يسرق فعال القوم ويهب ريحة
نـشال فـثـياب الوزارة ! حـسـافـات

والفا يا فاهم كلامي أنا اْقـول
إن الوطن ما عاد في كـف مسـئـول

هذي أمانة شعب لاسْيف مغلول
جــرد حسام الحق تـلـقى الكرامات

والقاف قامت ساريات القبايل
تنـشد عن الحوزات مـد الحـصايـل

من شافت التاجر يغف الهوايل
تـنـفـض عن الغفلة غبار الخرافات

والكاف كبْرنا على كل باغي
نسمع هدى الرحمان والكل صاغي

يتلى صدى الإيمان في كل شاغي
حكم الشريعة مـعـْـتـلي كـل رايـات

واللام لآلٍ مــن بعـيـدٍ يـــغـفـي
في مـوجـتـك يا دار عانـب يــلـفي

تسمن يد السارق وانا قص كفي
شرع العقول الغاوية عـنْـد غابات

والميم مالت نفسهم جمعت المال
كلٍ نهش كتف المواطن ولا سال

نجمع فتات الخبز ونْجمل الحال
وتتخم حكومتنا عـزايم وضـيفات


والنون نادوا بالرقابة والإصلاح
زاد الثمن فالعيش والظلم ما راح

والنفط زايد بـيـّـرنا فـيه سـباح
يستاهـل المـسكين مد و زيادات

والها هانت عند ربي فرجها
ما خاب من يدعوه ينصب عوجها

أهّـبْ خيول الحق عدل سرجها
تضفي رجال الدين عز ومهابات

والواو وادي الغاز ربي رزقنا
بعـنا برخّص امن الثمن ما فـلحـنا

وين العقول الراسخة وما عرفنا
أمرن بغيـر أهـله يزيد الخـسارات

واليا يا ربي على الحق ماضين
أنصر عبادك زمرة الحق والدين

ثبت عرى الإيمان يارب آمين
على طريق المصطفى والرسالات


صالح النورزي السنيدي

مظاهر التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني المعاصر والشعر الخليجي الحلقة السابعة

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر الحلقة السابعة

- الفترة الثانية ..

وكانت من 1994إلى 2000.

من سمات هذه المرحلة ..

1- بروز محررين الصفحات الشعرية والمنافسة بينهم .

2- ظهور الأعمدة الواعية التي تصاحب الصفحات الشعرية وهي بمثابة تنافس ثقافي و توجيهي .

3- ظهور المحررين كنقاد وموجهين للساحة بشكل مباشر .

4- قلة الإخوانيات بين الشعراء .

5- ظاهرة كتابة الشعر للشعر وبروز أسماء شعرية قوية .

6- ظهور شعر التفعيلة بشكل كبير وملفت .

7- ظهور الإتجاهات الشعرية المختلفة .

8- بوادر ظهور التأثر عند بعض الشعراء بشعراء الدول المجاورة والكتابة على منهجهم وكانت الـتأثر كبير ووضح دون ردة فعل قوية من الساحة والشعراء بل كانت هناك مباركة و تشجيع عليه.

( 13)

9- ظهور التميز لبعض الأسماء وإظهارهم كرموز تجديد .

10- ظهور المسابقات الشعرية داخل عمان والتنافس المحموم عليها .

11 - عدم ظهور الابتكار المميز في شعر هذه المرحلة.

12 - ضعف التيار النقدي المؤثر, واقتصر على محررين الصحف فهم من يقيمون الشعراء وأشعارهم من خلال نشر القصيدة وجعلها في أسفل الصفحة أو أعلاها أو التأخر في نشرها أو سرعة النشر لشاعر ما .

13 بداية ظهور الأستذة والشللية والأتباع .


- الفترة الثالثة ..

وكانت من 2000 إلى الوقت الحالي .

سمات هذا الفترة .. وأبرز سماتها :-

1- التوجه للتقليد بشكل كبير .

2- ظهور الشللية بشكل واضح .

3- تنامي ظهور المسابقات الشعرية داخل السلطنة وخارجها .

4- تتلمذ أكثر الشعراء على دواوين وقصائد شعراء الخليج والتأثر بهم .

5- السعي الحثيث وراء الأضواء .

6- ظهور الرمزية المفرطة ذات التبعية

7- استعمال القوالب الجاهزة في القصيدة والمحاكاة للشعر الشعبي الخليجي .

8- إزدواجية لهجة الكتابة المستوردة مع اللهجة الحقيقية للشاعر .

( 14 )


9- تنامي ظاهرة الإلقاء المنسوخ عن الغير ويلعب في الشاعر العماني دور الممثل للشاعر الشعبي الخليجي في حركاته وسكناته .

10 - تنامي ظاهرة الكتابة لفلان والكتابة لفلانة لأغراض شخصية .

11- بروز ظاهرة بيع القصائد وتكاثرها .

12 – اتساع الهوة بين هذا الجيل والأجيال الشعرية السابقة, شكل هذا توجهاً من الجيل الحالي لجلب الشعر من خارج البلاد بكل ما فيه من تبعات .

13 – ظاهرة النجومية للشعراء والبحث عنها خارج السلطنة .

14 – الغربة التي طغت على القصائد عند هذا الجيل وتصنع قصائد الحزن الدائم وتشكل منها غربة الوطن النسبة الأكبر .

15 – هجر بعض الأسماء الشعرية القديمة للساحة والانعزال عنها بسبب ما فيها من ترّهات .

16– عشوائية التوجيه من قبل الأسماء الكبيرة المحسوبة على الساحة للشعراء النشئ .

17– ظهور دور المنتديات الكترونية وكثرة المشاركة فيها وظهور شعراء المنتديات


وتأثرهم المباشر بالقصيدة الشعبية الخليجية.

18- غياب الهوية في القصيدة العمانية وغربتها بين شعرائها .


تحياتي / صالح السنيدي

تابعونا في الحلقة القادمة

مظاهر التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني المعاصر والشعر الخليجي الحلقة الثامنة

مرحباً أخوتي .أخواتي .. ضمن هذة الحلقات المتسلسة عن التأثير والتأثر بين الشعر الشعبي العماني والخليجي . إليكم الحلقة الثامنة ..

وبعد هذا التوضيح الموجز للفترات التي مر بها الشعر الشعبي العماني المعاصر
نوضح بعض المظاهر التي برزت خلال هذه الفترات, وسوف نبين فيها مدى تأثيرها وتأثرها داخل الساحة العمانية والساحة الخليجية مع بيان بعض سلبيات وإيجابيات لكل ظاهرة .

وقبل هذا ..


- ما الذي جعل الساحة العمانية عرضة للتأثر ..؟

بكل ثقة هو ضعف التيار النقدي وعدم وجود نقاد يقيمون الساحة ويزرعون فيها الثقة من المعلوم لدى المنتسبين للأدب وقراءة أن الشعر والنقد صنوان متلازمان على خطين متوازيين لا يتخلف أحدهما عن الآخر .
وما حدث في الشعر الشعبي العماني المعاصر هو تأخر وتخلف تيار النقد عن تيار الشعر .
فمع بداية انطلاقة الشعر بهذا الشكل الرهيب تخلف تيار النقد وعجز عن اللحاق بتيار الشعر.
وتخلف تيار النقد يعني هستيريا شعرية غير مقننه ليس لها محددات ولا توجيه
لأن النقد هو من يوجه ويقيم الشعر والشاعر.
فأصبح الشعراء يهيمون على وجوههم ليس لهم من يقيم تجربتهم التقييم الصحيح
المقنن على أسس علمية ذات طابع نقدي معاصر .
. وافتقد التيار النقدي في الساحة العمانية إلى وجود مؤسسين أو من يسعى لإجادته وتبنيه بشكل واضح كذلك عدم وجود نقاد قادرين على تحمل مسؤولية تقييم ما يقدم من تجربة فكرية وشعرية . وهل هي على مسارها الصحيح أم لا؟.

فكان التيار النقدي ووجوده ضعيف متهالك لا يوجد له رواد . مما افقد الشعر بريقه وأفقده رسم الطريق لرواده فصار البحث عن مقيمين من الخارج للتجارب الشعرية الكبيرة والناشئة أمر ملزم وضروري لأن الشاعر يحتاج إلى من يرسم له الطريق ولا أحد أقدر على ذلك من الناقد .
ومن هنا كان وجود نقاد خليجين أمر يلزم التأثر , وهم من رسموا الطريق للشعر والشعراء , في ظل غياب الناقد العماني .


- هنا أردت قبل الدخول والاسترسال في الموضوع أن أوضح شيئا ربما يلبس علي بعض الأشخاص الذين قد يخلطون بين التجديد والتقـليـد .. وينظر له من منظار أن التقليد تطور أو تجديد . أقول :- أن حديثي هو حول شخصية الشعر , حديثي عن شخصية الشعر العماني ووجودها في شخصية الشاعر العماني , وكيف يكون داعماً لها ؟ وتكون متمثله في قصائده , التي يحكيها في أمسياته وما ينشره , و دواوينه الشعرية , التي تمثله كشاعر في حياة وبعدة مماته .
ومن المعلوم أن القصيدة وثيقة على الشاعر , وله أن يكتبها بما يشهدها على نفسه .


وهنا أقول للقارئ ..

- هل لابد أن نتأثر ونقلد حتى نأتي بالجديد ...؟

- وهل الجديد لا يأتي إلا بتأثر والانسلاخ عن الجذور و ما تربى ودرج عليه لسان الشاعر؟
أم أننا نطور ما عندنا لنجعله بثوب راقي تشرأب له أعناق من يراه ويسمع به؟ .

- وهل تعتقد أن هذه الطيور المغردة والمهاجرة بل الهاجرة لشخصيتها تجد ملاذاً آمنًا عند البلد المضيف ؟ بمعنى آخر هل هذا البلد سوف يقدم العماني الدخيل على ابن بلده ؟

- هل من حقنا أن نسوق للهجرة بدعوى التقصير الإعلامي من بلدنا ؟ أم أننا نحن من نصنع وجدونا هنا ولنا الحق أن نكافح..؟ لا أن نهرب .

- هل يجب أن نرضيهم بتقليدهم حتى نكون شعراء مجيدين وينتقي منا إعلامهم من يظهر نجمه ومن يخفت . نحن الأجدر. كونوا على ثقة من ذلك .


-بهذا كيف يكون الشاعر لسان حال أمته وهو على هذا الحال .

- و لو كـُتب تاريخ هذا الشاعر وأراد الكاتب أن يتعرف على هذا الشاعر من أي دولة أو منطقة أو ولاية كيف له أن يعرف خصوصية شعر هذا الشاعر من خلال قصائده التي تمثله وتمثل بيئته التي خرج منها .. هنا ليس للشاعر خصوصية تذكر .

- و هل عجز الشاعر العماني أن يجد معاني ومفردات يعبر بها عن أشعاره ومشاعره بما يخصه من لهجة حتى يستورد من قاموس الغير . ؟

- و هل لا يكون الشعر شعراً إلا إذا نطق باللهجة النبطية. ؟

- و لما لا ينتقي الشاعر من بساتين اللهجة العمانية ومن كل ولاياتها ؟ لما لا يُسّوق للهجته المحلية ؟ لما لا يجعلها إقليمية أو يجعلها عالمية حتى .

- و لما لا يجعل اللهجة العمانية مؤثرة على الغير بفضلة هو , والشعراء الآخرون

هم يتأثرون بها , لما لا يكون هو المؤثر لا المتأثر .

.. أما أنا وبكل ثقة فأجزم على أن اللهجة العمانية بكافة أطيافها قادرة على التأثير فقط تحتاج إلى ثقة من يكتب بها ..


تحياتي // صالح النورزي السنيدي

إلى لقاء قادم بحول الله مع الحلقة التاسعة بإذن الله .. تابعونا ..
 

الأربعاء، 25 أبريل 2012

دول من عاشق وأشواق ( أنا داري )

يمين الله

ما أصعب بنات الحرف

كفوف وشوك

وأنا داري

وقول أن الغصن داري

وقلبك يا غصن موال

يمووول للفرح طيري

وأفنانه .. غدت ذكرى

على ميعادنا تترى

توالت مثل آياتي

وأنا اتبع مناديلك

دليل وضيء

ضباب .. ضباب

ويا هواك القلب

ومن يسهر على ضيئك

أنا .. أنا جيتك ..

نجم ساري

بعد داري ..!!

كثر ذيك المجرة سنين

ومن يدري ..؟

لعل ألقى رياض وفي ..؟

واقطف من زهر عمرك

وخيم في روبى و احلام

ومن يدري ؟

عسى أبني بروج وحصن

دول من عاشق .. وأشواق

لطيف الورد في صدرك

ومن رمشك

أهز غصون

تصاقت جوري وعناب على شفاهك

وليلتنا في أولها

تقولي :- ليش ما تضحك ..

وأقول الليل تو الليل ..

يا ليت اشبع ..

من عيونك .. حديث الشوق..

يلحفها ردى الذكرى ..

أخاف البرد يسري لك ..

وقلت أستئذن الدفوة تجي يمك ..

كذا أتضمك .. على حضن اللقاء والشوق ..

وقلتي الليل راح الليل يا بعدي ..

وأنا هايم .. ولا نجمة بغت تسهر

حسافه ما مضى ربع الكلام

ولا شبع نصفي ..

حسافه ياااا اماني العمر لا تمضي

شروق الشمس لو ناداك

لا .. تمضي

أنا داري
هلك وعيون

وادي اللوم

يجري بك .. ويجرف كل أمانيننا

أنا داري كثير الهم .... وأحبك ..

وأحبك كنف داري


صالح النورزي السنيدي

مظاهر التاثير والتاثر بين الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر (الحلقة السادسة)

- فترات مر بها الشعر الشعبي العماني المعاصر ...

وكون حديثي حول الشعر الشعبي العماني المعاصر فقد حددت الفترة التي سوف أتحدث عنها والتحولات والانطلاقات التي حققها الشعر الشعبي العماني المعاصر فقد حددتها بثلاثة فترات لكل فترة من هذه الفترات صفات تختلف عن الأخرى أو تتلاقى معها كذلك لابد من توضح هذا الفروق الميزات بشكل مختصر ليتبين القارئ الفرق ويلمسه فقط ليس إلا , وهو ليس معرض حديثي لكن للبيان وللتوضيح .

1 - الفترة الأولى / و هي من عام 1986إلى عام 1990

أما الأربع سنوات التي بين الفترتين فهي تمثل ظل المرحلة السابقة وتبعاتها .

2- الفترة الثانية من 1994 إلى 2000

3- الفترة الثالثة / من 2000 إلى وقتنا الحالي

وعندما أتكلم عن كل فترة من هذه الفترات وأحدد بعض السمات لكل فترة
وأكد أن بعض الأسماء التي ظهرت في الفترة الأولى لم تكن غائبة عن الفترتين .

- سمات المراحل الثلاث . .


- الفترة الأولى ..

وهي من 1986... إلى 1990 ..

من أبرز سماتها :
1- ظاهرة الأسماء المستعارة .
تميزت هذه الفترة بظاهرة الأسماء المستعارة حيث كان كثير من الشعراء في هذه المرحلة يكتبون بها وخاصة بأسماء النساء وقد يكتب شاعر باسم مستعار وآخر اسمه الحقيقي والأسباب لوجود هذه الظاهرة كانت معظمها شخصية .

2- ظاهرة الإخوانيات والمرادات .
فقد كان شعراء هذه الفترة يهتمون كثير بالمشاكاة والرد عليها وهي متابعة بشكل كبير من كل شعراء السلطنة البعيد والقريب .

3- ظاهرة الحرص على المتابعة .
حيث كانت متابعة الشعراء لبعضهم البعض والبحث عما كتب فلان في هذا الأسبوع كان ذلك بشكل ملفت.. وقتنا صفحة الأسبوع خاصة من جريدة عمان تعتبر من الضروريات و هذا أمر ملزم حتى أن الكثير منهم يحتفظ بالصفحات من الثمانينات من القرن الماضي إلى هذا اليوم . ويحفظ معظم القصائد المنشورة في تلك الفترة .

4- ارتباط القصيدة الشعرية في هذه المرحلة بالموروث الشعبي .
حيث أن معظم الشعراء الذين ينشرون أو الذين يقودون الساحة كانوا شعراء رزحه وهبوت وغيرها من فنون الشعر الشعبي لذالك كان أثر هذا الارتباط واضحاً في ما يكتب من قصائد وينشر .
وكذالك قد ربط بعض شعراء هذه المرحلة بين التجديد والموروث بشكل رائع .

5- ظهور بوادر التأثر والتجديد اللفظي والشكلي .
ظهور بوادر التأثر في المفردة كذلك على مستوى الشكل الخارجي للقصيدة حيث كانت بداية قصيدة التفعيلة من هذه المرحلة ولكنها كانت محاربة من قبل الشعراء بعضهم البعض وعدم تقبل الجمهور لهذا التغيير الذي طرأ على الشعر.

6- ضعف التيار النقدي المقنن والمدروس في هذه المرحلة .
كان النقد والدراسات النقدية التحليلية للقصيدة الشعرية ضعيف وشبه مفقودة في هذه المرحلة .


7- في هذه المرحلة كانت معظم القصائد ردود أفعال لما يحدث في الساحة
و تصوره في القصيدة .

8- عدم ظهور الابتكار الشعري ..
بمعنى لم يكن هناك أضافه لم يسبقهم أحد إليها بمعنى آخر السير على منهاج جديد فقد كان تحركات الساحة إما تكملة القديم دون إضافة ما يميز العصر أو استيراد من الخليج وهذا الأدهى .


تحياتي / صالح السنيدي

__________________

مظاهر التاثير والتاثر بين الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر (الحلقة الخامسة )

مظاهر التاثير والتاثر بين الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر (الحلقة الخامسة)
ضمن سلسلة هذة الدراسة البحثية إليكم الحلقة الخامسة ..

فكل رأي يطرح في أي صفحة من هذه الصحف كان له تأثير على مسيرة الشاعر وتوجهاته .
فقد أثرت تأثير مباشر في حركة الأدب الشعبي العماني بل كانت هي المتنفس الأوحد للشاعر العماني يعرض فيه إنتاجه الشعري .
واستمرت تلك الصفحات في الظهور حتى يومنا هذا وهي تقدم أفضل ما عندها للشعر والشعراء .
وما زال الأستاذ الشاعر / مسعود الحمداني يقدم الأفضل لصفحة عمان وهو من بقي من الأوائل , وخلفان الثاني كذلك في عمان وآلت صفحة الوطن للشاعر فيصل العلوي , والشبيبة وصفحتها وملحقها للشاعر / خميس السلطي .

وهي صفحات التواصل بين الشاعر وجمهوره , وقد كان هذا في ظل غياب دور المجلات الشعرية التي لم تكن حاضرة إلا بشكل خجول جداً, وكذلك في غياب البرامج الشعرية التلفزيونية كانت أو إذاعية إلا بشكل بسيط .

- أثر المجلات الشعرية الشعبية الخليجية وغياب الصحافة الشعبية العمانية .

للأسف لم يكن للمجلات الشعرية في الساحة الشعبية العمانية تواجد محلي بالشكل التخصصي المطلوب بل تركت الساحة الشعبية فارغة أمام التزاحم الإعلامي للمجلات الخليجية بحيث أنها اكتفت ببعض الصفحات غير المتقنة لا في الإخراج ولا في الاختيار للنصوص المقدمة والتي لم يبذل فيها جهد يذكر وقد ظهرت في بعض المجلات صفحات تهتم بالشعر الشعبي منها ( الأسرة ) و ( النهضة ) و ( العمانية ) و ( العقيدة ) , وقد راود الشعراء العمانيين حلم أن يكون لهم مجله مختصة بالشعر الشعبي ترصد الحركة الشعرية العمانية المتسارعة والقوية وتأرخ لهذه الإنطلاقة الأدبية والفكرية للشعر الشعبي العماني .

( حتى جاء يوم تأسيس مجلة ( الرؤيا ) والتي أسست لتكون صفحة شعرية شعبية بدأت في عددها الأول كاملا ونصف عددها الثاني تقريبا واختفى تماما الأدب الشعبي منها لتتحول المجلة بين شهرين إلى مجلة تعنى بشؤون المرأة بنسبة أكبر ويتخللها الثقافة والفن وابتعد عنها الشعر الشعبي بشكل كامل على عكس ما خطط له ) ( 6)

.. ثم جاءت مجلة ( وهج ) وقد فرح بها الجميع وتم الاحتفاء بها من قبل كل الشارع العماني وظن الشعراء أن الحلم قد تحقق وكانت في إصدارتها قد حققت الكثير رغم قلت إصدارتها لكنها ما لبثت أن اختفت ولم يكتب لها الاستمرار .

أما ما اعتمد عليه الشاعر العماني في قراءاته وذلك في غياب المجلات العمانية ,
اعتمد على المجلات الخليجية والتي أصبحت جزءًا من ثقافته , مثل مجلة ( فواصل ) و ( والمختلف ) و ( حياة الناس ) وغيرها , والتي كان يوصي بها الشعراء بعضهم البعض مما أثر تأثيراً مباشراً على ثقافة الجيل الشعري المعاصر وكانت هذه المجلات بمثابة المتحدث والموجه من الشعر الخليجي للساحة العمانية في بعض أوقاته وقد وضح أثره في التقليد الذي اتبعه بعض الشعراء العمانيين في قصائدهم .
وعموما هذه لمحة تاريخية مبسطة عن حركة الشعر الشعبي العماني المعاصر
وما مرت به من تأثير داخلي وخارجي ومن ساهم في صناعة هذا التوجيه الذي يسود اليوم في الساحة الشعبية العمانية .

تحياتي / صالح السنيدي


تابعونا في الحلقة القادمة
__________________

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر الحلقة الرابعة

و تميزه تلك الفترة بالنشاط الشعري الكبير , كذالك تميزت بكثرة الأسماء المستعارة وكثرة الإخوانيات والمشاكاة بين الشعراء .
وأيضاً كان كل شاعر فيها يبحث عن التميز والتطوير , ظهر ذلك من خلال بعض الأسماء حيث بدأت في إظهار التنوع في طرح القصيدة وأفكارها , كذالك في التنويع في البحور التي يكتب عليها , المهم أنه كان في هذه الفترة من الشعراء من بحثوا عن التجديد وإن كان بشكل بسيط .
- وأقول إن هذه الصفحة رسمت طريق جديد لمن جاء بعدها من صفحات , وقد تبع هذه الصفحة , صفحة أخرى جاءت في جريدة الوطن وقد كانت تصدر يوم الأحد ثم غيرت إلى يوم السبت . وكان أول صدور لها في أواخر 1987 .
وقد أصبحت هذه الصفحة متنفس آخر للشاعر العماني , إلا أن صفحة عمان كانت في هذه الفترة أكثر نضوجا ورواجاً واهتماما من قبل المحرر وحتى من جانب الشعراء الذين كان اتجاههم أكثر لصفحة عمان وتواجدهم فيها . لأنها كانت تضم النخبة في تلك الفترة .

- ثم حدث تطور آخر حيث أنظمت جريدة الشبيبة للركب وكانت قد خصصت صفحة للشعر الشعبي في 1993تقريبا .
وهي كذالك فتحت مساحة أخرى للشاعر العماني وهي نافذة لإبراز الإنتاج الشعري للأدب الشعبي العماني , وكان على رأسها الأستاذ / عوض بن درويش العلوي وقد بُذل فيها الجهد الكبير لتكون من الصفحات المتميزة.


- طفرة في تاريخ الشعر الشعبي العماني المعاصر .

بدأت هذه الطفرة الشعرية عندما تولت أسماء شعرية مهمة للصفحات الثلاث وتحديدا بدأت هذه المرحلة بين 1994 – حتى 2000 حيث تولى الشاعر الأستاذ / مسعود الحمداني صفحة الشعر الشعبي في جريدة عمان , وتولى الشاعر الأستاذ /علي بن عامر الشكلي صفحة الشعر الشعبي في جريدة الوطن وتولى الشاعر الأستاذ / محمد عبدالله البريكي صفحة الشعر الشعبي في جريدة الشبيبة .

وقد حدث تحول كبير في مستوى الصفحات الثلاث من حيث الإخراج ومن حيث اختيار النصوص كذالك كان الإقبال من الشعراء بشكل كبير والجودة عاليه في مستوى النصوص المقدمة .
كذالك بدأ التنافس بين الصفحات على مستوى النصوص المقدمة ومستوى الشعراء الذين ينشرون في هذه الصفحة أو تلك .
حيث برز وجه الشعر الشعبي العماني بشكل مشرق وقوي حتى أن جريدة الشبيبة وسعت الصفحة إلى ملحق باسم ( شعبيات ) يشرف عليه محرر صفحة الشعر الشعبي .
ثم بداء التنافس بين المحررين أنفسهم في كتابة الأعمدة التي تصاحب القصائد المنشورة , وكذالك ظهرت المقدمات النقدية التحليلية المبسطة على رأس كل نص ينشر وقد برع فيه المحررون وكان التنوع حاضرا في الصفحات الثلاث .
ثم بدأت الصراعات والمنافسات القوية بين المحررين اتضح ذلك في ما ينشر في الأعمدة والردود من قبل كل محرر على الآخر .
وبدأت الانقسامات بين الشعراء في الساحة الشعرية , وبدأت رياح التأثر تهب بقوة مع ظهورها بشكل بسيط عند بعض الشعراء في بداية الانطلاقة لكنها وضحت وتسعت في هذا الوقت بالذات , وبدأت هجرة بعض الأسماء القوية عن الساحة وانقسمت الأسماء الشعرية بين الصفحات الثلاث وبعض الأسماء آثرت البقاء بعيدا عن هذا الصراع .
لكن من وجهة نظري كانت لهذه الصراعات الفائدة الكبيرة بحيث أنها أذكت روح المنافسة بين الشعراء المحررين , وأصبح كل واحد منهم يأتي بالأجود والأجمل لكي يتفوق على الآخر .

وفي نهاية هذه المرحلة لم يبق إلا الأجود والأحق لكن التأثر بالشعر الشعبي الخليجي كان حاضراً بقوة ويتوسع وقد انتشى خاصة في وقت الصراع
والانقسام .

وهذه المرحلة هي كما شهد لها الكثير من الكتاب في الخليج والساحة الداخلية أنها المرحلة الذهبية للشعر الشعبي العماني المعاصر بحيث أن الأسماء التي صنعتها هذه المرحلة هي من بقي لهذه الساحة وهم من وجهوا الساحة في مستقبلها سواء بالسلب أو بالإيجاب .
كذالك قد ساهمت هذه المرحلة في تثقيف الشاعر العماني ومعرفته بزوايا الشعر وأبعاده .
وبعيدا عن كل التعصبات كان دور الصحف الثلاث كبيرا في نشأت الشعر العماني المعاصر وكان لها الدور الأكبر في توجيه والتأثير عليه .

تحياتي / صالح السنيدي


تابعونا في الحلقة القادمة ...

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر الحلقة الثالثة

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر

الحلقة الثالثة :-

إذن هذا هو الـتأثر كما يراه أحد أبرز الشعراء والكتاب وأنا أقول نعم كما قال وبكل أبجديه , التأثر نسخ لشخصية الشاعر .. وهنا يظلم نفسه وتاريخه ولا كيان له بل يمجد تاريخ ويصنع نسخة أخرى لمن يتأثر به ويضيف لتاريخ ذلك الشاعر ويرجح خزينته دون أن يصنع لنفسه أثر ما .

كذالك ما إن تكلمنا عن التأثر لا بد أن نعرض لذكر التقليد والفرق بينهما ..

الفرق بين التأثر والتقليد ..

. التقليد :- يعني تبعية فكر ولفظ , وفي بعض الأحيان لا يدرك المقلد حتى المعنى الذي يقوله.

والتأثر :- يكون لحظي أي زمني ولا يكاد يسلم منه أي شاعر إلا ما ندر وهذا أمر طبيعي . بشرط أن لا يستمر طويلا حتى وإن تأثر الشاعر إذ لابد أن تظهر شخصية في ما يكتب عن الآخر ولا بد أن يعطي المفردة والمجتمع الذي ينتمي إليه حقه ولا بخسه .

لكن ما يحدث الآن وما نراه في كثير من الأمسيات الشعرية عندنا في عمان خاصة من الشعراء أمر مخجل .

- لمحة تاريخية عن تاريخ الشعر العماني المعاصر :

ولكي نعرف بداية التأثر , لابد من معرفة تاريخ الشعر العماني المعاصر وكيف كان ؟ ومتى بدء هذا التأثر ؟. من هنا لابد من التركيز على هذا الجانب لنعي الأسباب والاستنتاجات المترتبة عليه .
- مع بداية النهضة المباركة وبداية صدور الصحف المحلية وبعض المجلات الغير متخصصة التي كانت تنشر بعض القصائد خلال صفحاتها , وهي بداية الحقبة الإعلامية للشعر الشعبي العماني المعاصر .
كان المنطلق من جريدة عمان كصفحة قراء ثم تطور الأمر وتضح وأصبح أكثر فاعليه وذا أهمية كبرى لكل شاعر عماني أراد أن يسجل اسمه في تاريخ الشعر العماني المعاصر , وقد أفردت جريدة عمان صفحة تخص الشعر الشعبي

و ما أفرزته تلك الصفحة من أسماء أسست لأجيال متعاقبة ثم أضيف على تلك الأسماء أسماء رائعة ظهرت في صفحة الوطن والشبيبة حينما أفردت كل جريدة من هاتين الجريدتين صفحة تخص الشعر الشعبي , وكانت تلك الصفحات تموج بفترات منافسة قوية بين ما يطرح من قصائد في صفحة عمان والوطن والشبيبة .

كذالك كانت المنافسة قوية على مستوى ما يكتب من أعمدة من قبل محرري الصفحات وكان كل محرر ينتقي لعموده الأجمل والأرقى ..

- وكذالك (ما أفرزته تلك الصفحات من أسماء شعرية كثيرة جعلت القارئ يرسخ في ذاكرته تلك الأسماء ) ( 5) خاصة وان من كان يتولى القيام على التحرير لصفحات الشعر الشعبي شعراء لهم توجهاتهم ومدارسهم التي ظهرت من خلال ما ينشر من نصوص وما يقدم وما يرفع وما ينّزلْ وما تكثر فيه الأخطاء الإملائية .
كذالك لعب بعض المحررين دور النقاد الموجهين , وذلك لخلو الساحة العمانية من النقاد وكفاءة أولئك المحررين .
كان كل ما يحدث في الساحة يمرر من خلال هذه الصفحات , وليس للشعراء منفذ آخر يسافرون فيه إلى هذا الجانب , لذا لم تكن هذه الصفحات الشعبية لنشر القصائد فقط بل أيضا كانت للتوجيه وتغيير المسارات .
ودعونا نحكي القصة بشيء من التفصيل المبسط ,ونتحدث عن كيف بدأت الانطلاقات لهذه الصفحات وكيف تغير مسار الشعر العماني وبدأ التأثير فيه .

وبشيء من المصداقية والذي لا يختلف عليه اثنان أن بداية الانطلاق للشعر الشعبي المعاصر و أقصد البداية الحقيقية للصفحات الشعرية و التي من الممكن أن نسميها الشمعة الأولى التي أضيئت , وهي أول متنفس لشعراء الساحة الشعبية في السلطنة كانت على يد ذلك المحرر الأستاذ المرحوم ربيع بن سالم العلوي بين عام (1986 - 1990) والذي تولى زمام صفحة الأدب الشعبي في جريدة ( عمان ) والذي كان له عظيم أثر وكانت جهوده ملحوظة في الرقي بالأدب الشعبي ليس على مستوى صفحته فقط , بل ظهر ذلك في علاقة مع الشعراء وتشجيعه لهم وحثهم على الكتابة والنشر , كذالك كان من المهم عند هذا المحرر تجمع الشعراء وقد كانت البداية فكان يدعو إلى استمرارهم , ثم إنه كذالك لم يغفل عن الرقي بالصفحة ووضع الخيار المناسب لها , أثمر ذلك الجهد عن التنافس الكبير بين الشعراء والتسابق على النشر في صفحة عمان , وقد تبين ذلك في التزاحم الكبير والتهافت للنشر والمتابعة ورغم بعد المسافات كانت تصل القصائد بكثرة , وكانت هذه الصفحة تصدر يوم الثلاثاء . وما كان من الشعراء وغيرهم من الجمهور المتابع إلا انتظار صدور هذه الصفحة والحجز والاحتفاظ بها وقراءتها بشغف حتى أنها في أكثر الأحيان تنفد من المكتبات وأماكن التوزيع .

تابعونا في الحلقة القادمة ...

تحياتي // صالح السنيدي

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر( الحلقة الثانية )

مظاهر التاثير والتاثر في الشعر الشعبي العماني والشعر النبطي المعاصر

الحلقة الثانية :-

( 3 )

- توضيح العنوان .

بعد هذا التوضيح الموجز , لعلي من المناسب أن أنتقل الآن إلى المبحث الذي بصدد الحديث عنه وهو ( مظاهر التأثير والتأثر في الشعر الشعبي العماني المعاصر بالشعر النبطي ( الشعبي ) الخليجي ) .
قبل الشروع في الموضوع المخصص سوف أشرح بعض المعاني التي تخللت العنوان :

كلمة التأثير /( في مختار الصحاح)( 1)
التأثيرُ / هو إبقاء الأثر في الشيء .
وفي المعجم الوسيط ( 2) /
هو (عمل الخدود في الشيء ) أي قوة وضوحه وبقاء تبعاته .

التأثر / وهو التقليد والمحاكاة وتباع الغير .. وقد يطول هذا الأمر حتى يصبح من سمة المجتمع ولا يستطيع التخلص منه وهنا المعضلة , قد يتسع وينتقل من جيل إلى جيل ينسخ المجتمع معه هويته .

المعاصرة / هي المعايشة والمتابعة لما يحدث في فترة من الفترات يتم رصدها وتسجيل ما يحدث بها من أحداث سواء سلبيه أو إيجابية .

- وهنا للتوضيح الفرق بين أن نقول الشعر المعاصر أو نقول الشعر الحديث :-

الشعر المعاصر /
أكثر شموليه حيث يشمل كل ما يكتب من شعر في فترة معينة ويشمل كذلك كل المدارس الشعرية أو المذاهب الأدبية التي تكونت في تلك الفترة المعنية أي أنها محددة بفترة و زمن ما و عاصرها الكاتب أو الباحث .

أما الشعر الحديث /
فهو ما يكون من تحديث أو تطوير وهو يشمل أسلوب أو منهج معين يتعارف عليه الشعراء أو الكتاب أنه جاء حديثاً لساحةٍ ما سواء بالابتكار أو النقل , المهم أنه تواجد في هذه الساحة ولم يكن فيها .



( 4 )

-- آفـــــة التأثر ..

ومن خلال ما سنطرحه نريد إزالة الغشاء عن تاريخ شعري يمكن الاعتماد عليه كمنطلق أساسي .. كذلك نريد التنظير لإنتاج نقد عملي أكثر دقة ..

وللعلم دائما الشعراء الكبار والمميزون هم من يحاولون جاهدين الإضافة وصناعة التاريخ مع عدم إغفال الأسلاف ودورهم البارز في صناعة ما هو عليه ثم يحاولون الإضافة والابتكار والاعتماد على أساسيات مجتمع الانطلاق وليس الاستيراد ودعاء التميز أو تصغير ما جاء به الأسلاف من قبل .

وسأركز في محور حديثي أكثر على التـأثر فهو الأبرز في ساحتنا العمانية المعاصرة ومن ثم الـتأثير لأن دوره في الوقت الحالي مضمحل وقليل .

في السنوات الأخيرة كان التأثر من جانب الساحة العمانية بالشعر الشعبي الخليجي جلي وواضح لا يخطيه الناظر المتابع لمسيرة الساحة العمانية .
وقد تضافرت عدة عوامل لخلق هذا التأثر , وقد وجد أرضا خصبة للانتشار , ووفر له الشعراء الماء العذب الزلال فنمى واستفحل تحت أعين المراقبين والقائمين على الأدب دون حراك منهم وسنتكلم عن أسبابه ودواعيه بالتفصيل.

خلال هذا المبحث ننتقل للحديث عما قاله أحد الشعراء والكتاب الكبار :

يصرّح أوسكار وايلد بمرارة في كتابه (صورة السيد h.w.) بما يلي: ( التأثر هو ببساطة تحويل للشخصية، وهو شكل من أشكال التخلّي عمّا هو ثمين، والواقع فيه يفرز إحساساً - إن لم نقل واقعاً-بالخسارة.كل تلميذ يأخذ شيئاً ما , من معلّمه" هذا ما يمكن تسميته بقلق التأثر والعكس ليس دوماً صحيحاً). ( 3 )

ثم ..بعد مضيّ سنتين من هذا التعليق سوف يعدّل وايلد من مرارته، فيدلي على لسان اللورد هنري ووتمن، إحدى شخصياته في رواية (صورة دوريان غراي) بملاحظات مرهفة، حيث يعترف لدوريان أن.. (( كل أشكال التأثر لا أخلاقية معلّلاً: " لأنّه، لكي تمارس تأثيراً على شخص ما، لا بد وأن تمنحه شيئاً من روحك، المتأثر لا يفكّر بأفكاره الطبيعية، لا يحترق بعواطفه الطبيعية.فضائله ليست حقيقة.ذنوبه،إن كان ثمّة ما يدعى ذنوباً، مستعارة . إنه يتحوّل إلى صدى لموسيقى شخص آخر، ممثّل يؤدي دوراً لم يُكتب من أجله"). ( 4 )

تحياتي //صالح السنيدي

الجمعة، 6 أبريل 2012

مظاهر التأثير والتأثر في الشعر الشعبي العماني المعاصر بالشعر النبطي الحلقة الأولى


__________________

الحلقة الاولى ....

( 1 )

( مظاهر التأثير والتأثر في الشعر الشعبي العماني المعاصر بالشعر النبطي )

بسم الله الرحمن الرحيم ..

مــقـــدمـــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة الغر الميامين وسلم عليهم تسليماً وافيا , وهم أرباب البيان وفصحاء اللسان وأنقياء الجنان , وبعد ..

الحمد لله الذي جعل البيان نورا وهدى .. وللشعر حكمة تقتدى .. وهو السحر الحلال .. أعاذنا المولى سبحانه من زيغ الجنان وخطأ اللسان ورزقنا لسان صدق في الآخرين ووفقنا لما فيه الخير إنه ولي ذلك والقادر عليه .


بداية إن لكل أمةٍ تاريخا أدبيا تعتز به وتفخر ويميزها عن الغير ولكل مجتمع خصوصية .. تشابه مع الغير أو تفرد .. وهذه الخصوصية تنبئك عن ملامح هذا المجتمع وتدلك عليه ..

و سواء أكانت هذه الدلائل لفظيه أو بيئية, أو أدوات تستخدم في الحياة اليومية لهذا المجتمع القائم ..

ومن مقومات هذا المجتمع لغته وألفاظه الخاصة وتاريخه الأدبي والفكري والاجتماعي والذي يحمل هذا ويدلل عليه, هي المفردات التي تميز هذا المجتمع عن الآخر و تدل على هذا الكيان .

ورغم تقارب بعض المجتمعات وتلاقيها في كثير من القضايا المشتركة من لغة ودين واقـتصاد ووحدة المصير ووحدة الدم والتاريخ المشترك, إلا أن هناك كثير من الخصوصية في الملامح والصفات وخاصة المفردة المصاغة والمتداولة بين أفراد ذلك المجتمع .

..فهناك كلمة لو نطق بها شخصٍ ما دل على أنه من المنطقة الفلانية أو من المجتمع الفلاني .. أو من الدولة الفلانية .. أو من الإقليم الفلاني وحتى في داخل الدولة الواحدة توجد الخصوصية اللهجية بين المجتمعات .

( 2)

.. ولو تكلمنا ببعض الخصوصية على مستوى المنظومة الأدبية .. ونخص منها جانب الشعر ..

لوجدنا عندما تقرأ لشاعر ما , تدلك ألفاظه على المجتمع الذي عاش فيه الشاعر والبيئة التي تربى فيها والتي ينتمي إليها .. والحقبة التاريخية التي عاش فيها والقبيلة والدولة والأدوات التي تستخدم في مجتمعه ودينه الذي يدين به .

والشاعر ليس ظاهرة عادية فهو يروي تاريخا ويرسخ الألفاظ ويغير ثقافة مجتمع ويتحدث عن المواقع المحيطة والشواهد والظواهر المجتمعية والطبيعية, ويذكر أسماء الحكام الذين عاصرهم وألقابهم وأشهر الأحداث التي وقعت في عصره .. وأشهر الخيول والجمال والمعارك وغيرها من مآثر المجتمع .. ويتوصل من خلال قصائد هذا الشاعر إلى الشعراء الذين عاصرهم والتقى بهم والمرادات التي بينه وبينهم .
إذن المسألة ليست أن الشاعر يكتب قصيدة فقط , بل هي تاريخ يسجل ومجتمع يذكر, وتسامي دول وزوال أخرى وأنساب ومناطق وحدود وأدوات وأمثال ومعارك ومكان حدوثها .

كذلك وهو أدب يخص مجتمعا دون آخر ويميزه عن غيره .
بمعنى يجب على الشاعر أن ينتمي لمجتمعه. ليسجل تاريخه ويعرف به .

وكذالك من خلال قصائد الشعراء تستطيع أن تحدد كينونة مجتمع عن آخر بدقة متناهية والمقياس هو القصيدة.

وعمان تاريخ أسطوري ومفردة متميزة لا شبيه لها, مما يضمن التميز والتنوع بين كل ولاية وأخرى ناهيك عن الدول , سواء البعيدة أو المجاروة , ولا يجهل الباحث معرفة غنى المفردة العمانية وقوتها وجذورها التراثية الفصيحة التي تكفل التفرد للمتعامل معها .


أما إذا اختلط الحابل بالنابل وانسلخ الشاعر من لغته .. وتنكر لمجتمعه .. هنا لا يعرف لهذا الشاعر أية خصوصية ولا هوية ولا تطلعات مستقبليه وهذا تزوير للتاريخ فهو يستورد ألفاظا لا تنتمي لكيانه ولا مجتمعه .. إلا في أحوال .. يتأثر فيها الشاعر من خلال السفر والمعاشرة للمجتمعات الأخرى مؤثرا ومتأثرا تأثيراً لا يخل بمنظومة مجتمعة الذي ينتمي إليه ,, وهو التأثر الإيجابي لا التأثر السلبي .. الذي يظلم فيه الشاعر نفسه ومجتمعه الذي هو في الأصل لسان حاله . ..

 تحياتي// صالح السنيدي

تابعونا في الحلقة القادمة

الجمعة، 16 مارس 2012

دراسة نقدية في نص عبدالعزيز العميري

قربان الفقير ... لعبدالعزيز العميري
القصيدة الفائزة فالمنتدى الأدبي ..

دخيلك علمي ارض الجفاف ان المطر معذور
مدام ان( السحاب انتي) وبيبانك هي الاحـلام
حبالك تنْفلَـت والساقيـه مـا بلَّهـا الْمنْجـور
 
نخيلك هالكـه والغيـز مايمْـدي إلـى قـدَّام
شبابيك الامل صارت تضمِّ العور بعْد النــور
ومفتاح النظَـر من قسْوة الحاجـه غـدى نمَّـام
نلوم القمح أو نبكي طواحين الشتـا المغـدور
حصاد الصيف ما كفَّى يصون الفارس المقـدام
حصير الفقْـر لو خان الصباح وْماهداه فْطـور
 
نلوم الصبح أو فقر السنين الناحتـات عْظـام
عصافير الربيع اللي تهاجر تاركـه عصفـور
 
تعاف القمـح وتْفـارق بـلادٍ تخْنـق الاقـلام
رغيف الذلَّ / سيجارة فقيـر ٍ رائحـة تنـور
 
شبَع من كثْـر مـا ادْمـن جـروح الآه والآلام
يـ عطَّار الزمن يكفي .. ترقَّع ثوبـه المشتـور
نذَر لك جلده الميِّت .. ترفرف به كما الاعلام
رحى تطحن ضلوع الصبْر تحْفر للقلوب قْبور
 
ويبْـقى للزمن خبـز العـذاب بْسلـة الاعوام
رصيف الشارع الصامت وطفْل ٍ حافي ٍ مقهور
ورمضا شارعه تكوي.. بكى من حرقة الاقدام
متى يا شمعدان الحب تهْـدي للنفـوس شْعـور
متى دور الترف تدري...إذا جاع الفقير وْنـام

على الميعاد يا كوخ السنين البائـس المكسـور
حطبت الجوع لك قربان واغْفر زلَّـة الايـام


بسم الله الرحمن الرحيم ..

قربان الفقير .. في هذة القراءة  المبسطة سوف يكون تركيزي على الصورة الشعرية لما لها من أهمية .. في . إثراء النص الشعري  .. ولما لهما من أثر حقيقي في الرقي بالنص .. وبيان قدرت الشاعـر على السبك .. وجودت الطرح . ولما لها من دعم للفكرة التي تتحدث عنها القصيدة ..

 - كذلك للصورة الشعرية القدرة الكامنة على الإبهار والاستحسان لدى المتلقي .

 وأضف إلى ذلك أن الصورة الشعرية فالنص تعطي النص عمر أطوال . وقد لا

ينتهي بنتها صاحب النص ..

وفي الصورة الشعرية دلائل .. يستحضرها الشاعر كترصيع ودعامة للجودة

الشعرية فالنص .. وكذلك لإثراء القارئ . .. والمتلقي ..

n    وعادة ما تكون الصورة في كل النصوص الشعرية إما 1-  أسطورة أو 2-

رمز أو 3-  التشبيه أو 4- الاستعارة ..

...

n    كذلك للصورة الشعرية نوعين أما .. صورة طويلة ممتدة ... أو صورة

قصيرة ملتقطة ( فلاش ) أي عبارة عن لقطات .. يلتقطها  الشاعر في كل

بيت .. ومجتمعة تكون مشهد عام للقصيدة .. وكل لقطة تخدم غرض فالقصيدة

..و فالنهاية تشكل صورة متكاملة للفكرة ..

n    والفرق الصورة الطويلة الممتدة تكون //  في أكثر من بيت وقد تمتد إلى

ثلاث أبيات أو أربعه أو لأكثر وربما قصيدة كاملة .. وهي نادر ما تكون صورة

ممتدة حتى نهاية القصيدة

n    أما الصورة القصيرة .. فتكون في بيت واحد وتكتمل  أو شطر واحد ..

وتكتمل .

هذا بختصار حتى لا نطيل عليكم ..

..... 
نشرع فالنص .. مباشرةً

.. لقد جاء أخياري لهذا النص الرائع .. ولهذا الشاعر الجميل ..

1- لجودة ما رأيت من نضج الصورة الشعرية في هذا النص الجميل ..

2- احتواء هذا النص على الكثير من اللقطات التصويرية البارعة التي تظهر

مهارة الشاعر في تحريك الطبيعة المحيطة .. بالصورة التي يرتئيها الشاعر ..

أنها تخدم النص وهذا هو التمكن ..

 3- كذلك جمع النص .. بين قديم  المجتمع المحيط  وحديثة  . وذلك كان ظاهر

في مفردات النص .

4- العشوائية لم تكون حاضرة في كل أبواب النص .


سأركز على الصورة الشعرية وجماليات اللقطات التصويرية  ..

الصور البارزة في قربان الفقير هي الصور القصيرة  الغير ممتدة ..  وتتجمع فيه

الصور كروافد فالنهر .. لتكون النهر الأم والتي هي القصيدة ..

 حيث تكون فالنهاية صور شعرية متكاملة لنص مرتبط بفكرة .. واحدة ..

 ..--  الإنتقال . بين الصور الشعرية

لاحظ معي هذا الإنتقال بين الصور من بيت لأخر فإن كل بيت يمثل صورة  لفكرة

القصيدة ..

دخيلك علمي ارض الجفاف ان المطر معذور
مدام ان( السحاب انتي) وبيبانك هي الاحـلام

هذي لقطة أولى  الإفتتاح  ( صورة في قمة الجمال ) أرض الجفاف .. أن المطر

معذور ... علمي ارض الجفاف ..

ثم الإنتقال لصورة آخرى مرتبطة بالفكرة ولكن هي ليس أمتتداد  للصورة التي

قبلها أي أن الصورة الأولى أكتملت ..

وهكذا في كل القصيدة صور تكمل لكن ليست أمتدد لما سبق وكل بيت يكمل

الصورة التي بداء في أوله ..

حبالك تنْفلَـت والساقيـه مـا بلَّهـا الْمنْجـور
 
نخيلك هالكـه والغيـز مايمْـدي إلـى قـدَّام

لا حظ معي هنا الصور التراثية الإجتماعية الشيقة ولاحظ هنا أسلوب التوظيف

واستحضار الصورة .. حبالك تنفلت .. الساقية ... ما بها منجور .. الغيز .. ما

يمدي إلى قدام ...

صورة مكتملة .. كأنك في مكان الحدث .. هذي الصورة نقلت المستمع والقراء

إلى مكان حدوث  الصورة .. ولم تصور فقط بل  جعلت القارئ يعيش في أكناف

الصورة  وما يتحدث عنه الشاعر ..

شبابيك الامل صارت تضمِّ العور بعْد النــور
ومفتاح النظَـر من قسْوة الحاجـه غـدى نمَّـام

صورة أخرى رائدة .. شبابيك الأمل .. وهنا لاحظ  معي  الضد بالضد يفهم .. تضم العور بعد النور ..

متفاح النظر من قسوة الحاجة غدى نمام .. هنا استنطق .. الجماد .. هنا كان

إظهار الصورة   الرمزية .. بجلاء ...

نلوم القمح أو نبكي طواحين الشتـا المغـدور
حصاد الصيف ما كفَّى يصون الفارس المقـدام

صورة جديدة نلوم القمح أو نبكي .. الشتاء المغدور ..

هنا أكتملت الصورة في الصدر أو المصراع الأول وكان المصراع الثاني إضافة 

للصورة التي تقدمة ..

حصير الفقْـر لو خان الصباح وْماهداه فْطـور
 
نلوم الصبح أو فقر السنين الناحتـات عْظـام

هنا التشخيص  أي تشخيص فعل الجماد وكأن حصير الفقر شخص والصبح 

صديق هذا الحصير شخص آخر . وخان موعده .. الصورة اكتملت .. وجاءت

الإضافة خطاب من المصراع الثاني ..

عصافير الربيع اللي تهاجر تاركـه عصفـور
 
تعاف القمـح وتْفـارق بـلادٍ تخْنـق الاقـلام

هنا لفته سياسية أدبية جد رائعة .. تعاف القمح .. تخنق الأقلام  ..تصوير رائد ..

ومن هنا حتى نهاية القصيدة ..

الصور متراتبه  على جرح واحد من عدة وجوه ..
رغيف الذلَّ / سيجارة فقيـر ٍ رائحـة تنـور
 
شبَع من كثْـر مـا ادْمـن جـروح الآه والآلام

رغيف الذل .. سيجارة فقير .. رائحة تنور .. جروح الآه الآلام ..

إنها  تخبر عن البؤس والفقر .. لقطات من الصورة المعبرة عن  معاناة الفقير ..

 الذي يصورها الشاعر بالشبح  الملازم لهذا البائس ..


هل يصلح العطار ما أفسده الدهر >>أسلوب نداء وستدعاء لمثل وهنا أسلوب

الصورة المستعارة ولا نعني الإستعارة الأخذ من الغير لا بل نقول هو استحضار

لما سبق من مألوف .


... ثم انظر إلى الصورة جلدة الميت .. ترفرف به كما الأعلام .. هنا صورة

تشبيهيه ..
رحى تطحن ضلوع الصبْر تحْفر للقلوب قْبور
 
ويبْـقى للزمن خبـز العـذاب بْسلـة الاعوام

الرحى .. تطحن ضلوع الصبر .. وتشبيه الرحى بالحفار الذي يحفر القبور لقلوب

الفقراء الجائعين ..

كذلك الصورة أكتملة في الصدر الأول .. وجاء المصراع الثاني داعما للصورة

العامة..

والصدق أن هذا البيت  ..يقودني إلى عوالم  .. روح القصيدة الحقيقية .. ومعناها

المقصود .
رصيف الشارع الصامت وطفْل ٍ حافي ٍ مقهور
ورمضا شارعه تكوي.. بكى من حرقة الاقدام

هنا صور متنقلة .. تتدافع .. وتتزاحم .. للإضاح .. .. رصيف الشارع ..الصامت

... طفل حافي .. مقهور .. رمضا .. تكوي .. بكى ..

جميل .. صورة قصيرة بكل المقاييس .. بدأت واكتملت في بيت واحد ..
متى يا شمعدان الحب تهْـدي للنفـوس شْعـور
متى دور الترف تدري...إذا جاع الفقير وْنـام

هنا الصورة  زاهية .. شمعدان الحب .. تهدي النفوس .. دور الترف ..

هنا النداء الأمل في .. حل هذي المعضلة .. لعل دور الترف ومن يسكنها .. يلتفت

لهذا الفقير ..

على الميعاد يا كوخ السنين البائـس المكسـور
حطبت الجوع لك قربان واغْفر زلَّـة الايـام

تشخيص كوخ السنين والتخاطب معه .. يا كوخ السنين .. ثم وصفه بائساً مكسور ..

وهو رمز لحال شعب أو فئة من الشعب ..

الذي يعاني .. هذا البؤس  .. المراد .. الإلتفات والنظر لهم بعين الحق والرحمة ..

ثم يعتذر الشاعر لهذا الكوخ أنه لم يقدم له ما يشبعه ..

ويطلب منه السماح والغفران ..



تضمن هذا النص .. أكثر الصور الشعرية .. وركز في أكثر الصور على الرمزية ..

والصورة الشبيهيه ..

 وخلا من الأسطورة .. ولذلك لأسباب أنه يتكلم عن مجتمع .. والنص في عمومه

أجتماعي سياسي ..

 كذلك .. قلت فيه الإستعارة  لعدم وجود المقارنات التوضيحية .. لان النص لا يحتاج

إلى ذالك وهذا من حنكة الشاعر وتمكنه .. ومعرفته بأسلوب الكتابه ..

 لذا خلى النص من الحشو والعشوائية ..

هنا أشكر الشاعر عبدالعزيز لعميري على هذا النص الذي قدمه للقراء .. على طبق

من ذهب .. وقد أحترم قراءة وقدم  لهم الأفضل والأجود ..

ولم يعتمد في كتابته على المطالع وإهمال الدواخل ..

وهذا هو الذي يعطي للنص الديمومة .. ويبقى النص متألق في كل حالاته .. حتى مع

مرور الزمن .. وحتى بعد موت الشاعر .. وحتى بعد الأمسيات يكون النص حاضر

في القراءة  مبهر .. وفي الأمسيات مقنع وفاعل .. لا يقدم .. وهو جديد في كل

حضور له .


أتمنى إنني قد وفقت في هذي القراءة وهي على عجالة والنص يحتاج إلى قراءات

من عدة جوانب .. وكانت قراتي في الصورة الشعرية فقط ..

أعتذر من الجميع أتمنى لهم ولي الفائدة ..


تحياتي // صالح السنيدي

يـ عطَّار الزمن يكفي .. ترقَّع ثوبـه المشتـور
نذَر لك جلده الميِّت .. ترفرف به كما الاعلام